الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إقامة الصداقة على أسس سليمة

السؤال

أريد أن أكون علاقة صداقة قوية مثالية، ولكني كلما هممت لمصادقة إحداهن أجد فيها ما يبعدني عنها لتجعل منها مجرد زميلة، فالصداقة التي أطمح إليها أكبر من العلاقات الدنيوية، فأنا أريدها صديقة أخروية حتى بعد مماتي ـ أي في الجنة ـ نتبادل النصائح ونتشارك في أعمال الخير، ونهتم بالسؤال عن بعضنا البعض ولا تهمل إحدانا الأخرى.

لدي الآن الكثير من الرفيقات، ولكنهن لا يستمعن للنصيحة، وإذا سمعنها وأكدن مصداقية القول لا يعملن به، وأخرى وجدت أن قلبها أبيض قابلاً للتجديد ولكن عيبها الوحيد هو القطيعة، فأنا أعرفها منذ أكثر من 8 سنوات، ولكنها لا تكلف نفسها بالسؤال عني أو عن أخباري، رغم أني كثيرة السؤال عنها والزيارة لها في منزلها، وحين سئمت من مبادرتي دائماً انقطعت عنها، ولم تهتم، والآن أصبحت علاقتنا سطحية متقطعة.

لا أعرف ماذا أفعل؟ أتمنى أن أجد من تشاركني درب الحياة الأخوية، ولكني لم أجد هذه الصديقة، انصحوني بطريقة مجدية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم يوسف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فإن الإنسان لا يستغني عن صديق يبث إليه مشاعره وهمومه، ويجد عنده العون والنصح، وقد قيل: (أخاك أخاك من نصحك في دينك، وبصرك بعيوبك، وهداك إلى مراشدك، وعدوك عدوك من غرك ومناك).

ولاشك أن عدم الصديقة أفضل من رفيقة السوء، ولا خير في صديقة تتكلف الود وتمارس الخديعة والتمثيل، وأحسن من قال:

إذا المرء لم يلقاك إلا تكلفاً **** فدعه ولا تكثر عليه التأسفا

وقد شاهد الناس كلباً إلى جوار مالك بن دينار، فقيل له: ما هذا أبا يحيى؟ فقال: هذا خيرٌ من جليس السوء، ولا عجب فإن عداوة الأشرار تعدي كما يعدي الصحيح الأجرب، وقد أمر المسلم بمجالسة الأخيار قال تعالى: ((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ))[الكهف:28].

ولا أظنك تجدين صديقة بلا عيوب وأخطاء، ولكن حسبنا أن نسدد ونقارب ونختار أفضل من نعرف، وهكذا ينبغي أن تفعل المرأة المسلمة.

واعلمي ـ يا أختي ـ أن الصداقة الصحيحة هي التي تبنى على الإيمان والطاعة للرحمن قال تعالى: ((الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ))[الزخرف:67]، وإذا رزقك الله بصديقة فلا تكثري من لومها ومعاقبتها واختاري الأوقات المناسبة لنصحها وكذلك لابد أن تكون الألفاظ منتقاة.

وإذا غض الإنسان الطرف عن الأخطاء اليسيرة وعامل الناس بالحسنى أحبه الناس والتفوا حوله، فاحرصي على عدم التحقيق في كل صغير وكبير، وكوني مثل الطبيب الناجح الذي يبدأ بعلاج الأمراض الخطيرة قبل غيرها.

وأرجو عدم الانقطاع عن زيارة الأخوات الصالحات، ولكن من الضروري مراعاة آداب الزيارات وضرورة أن نبدأ بالإخلاص ونختار الوقت المناسب ونراعي آداب الاستئذان وضوابط الزيارة، وألا نطيل الجلوس ولا نكثر من الزيارات إلى ذلك من الآداب العظيمة.

والله ولي التوفيق والسداد!

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً