الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأخرنا في الدراسة يحزن أمي، فماذا نفعل من أجلها؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا وأختي نعيد مرحلة ثالث إعدادي، وقد رسبنا في مواد كثيرة، وهذا الأمر سوف يحزن أمي، علما أنها حزينة طول الوقت، وتحمل مسئولية البيت كله.

لا أعرف كيف أتصرف، خاصة أن معدلنا لن يدخلنا الثانوية العامة، وحالتنا المادية لا تسمح لنا بالدراسة في المدارس الخاصة، أنا متوترة وأشفق على أمي، ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك – أختي العزيزة – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلاً الله تعالى أن يرزقك الصبر والسداد، ويجعل لك من أمرك فرجاً ومخرجا.

- الواجب عليك أولاً – حفظك الله وعافاك – استحضار أن الحياة الدنيا طُبعت على الابتلاء (لقد خلقنا الإنسان في كبد), واستحضار فضيلة الصبر على البلاء (إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب) والشكر للنعماء والإيمان بالقدر والرضا بالقضاء, (ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه), فقولي: الحمد لله على كل حال, وحسبي الله ونعم الوكيل, ولا حول ولا قوة إلا بالله, واحمدي الله أن رزقك الحمد والشكر, وأن كانت المصيبة في دنياك لا في دينك, وأنها أقل بكثير من مصائب كثيرات غيرك, والحمدلله على العافية.

- أنصحك بعدم المبالغة والإفراط في القلق والخوف, وأنصحك بضرورة مصارحة والدتك متحلية بالصدق والهدوء والحكمة في اختيار الأسلوب والوقت المناسبين, ويمكنك الاستعانة في مواساتها ودفع الحزن عنها بمن تأنسين منهم الحكمة والأمانة والمروءة والقبول لديها والتأثير عليها وإقناعها, وكما يقال في المثل : "لابُدَّ مما ليس منه بُدُّ", أي أن مالا مفر منه فلابد منه, نعم إن إخبارها بالوضع والحال محرج, لكنه حرج مؤقت وضروري ويمكن تجاوزه مع عامل الوقت والزمن، وبالصدق مع والدتك والوعد لها في تدارك الخطأ وتحقيق النجاح والتجاوز للفشل بالاهتمام والمثابرة والجد والاجتهاد في المستقبل واستشعارك للخطأ, واطمئني فلا أرحم وأرق وأعطف من قلب الأم وقدرتها على المسامحة.

- ولا بد لتحقيق النجاح والتفوق من تعزيز الثقة بنفسك والنجاح والإحساس بالفاعلية, بل والتميز أيضاً , كما ولابد لذلك أيضاً من التحلي بحسن الظن بالله تعالى والثقة به, أحسني الظن به سبحانه وعززي الثقة بالنفس في التحلي بالأمل والتفاؤل والطموح في تجاوز الضعف العلمي وتحقيق التميز والتفوق والنجاح, وكما يقال في الحكمة: "المرء حيث يضع نفسه", وقال الشاعر:
"وما المرء إلا حيث يجعل نفسهُ ** ففي صالح الأعمال نفسك فاجعلِ".

- الحرص على تنمية الإيمان بملازمة الطاعات والأذكار وقراءة القرآن, حيث لا يخفى ما لذلك من أثر حسن في استمداد عون وتوفيق الرحمن, والشعور بالراحة والاطمئنان وطرد وساوس النفس والهوى والشيطان, قال تعالى: (ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه) وقال سبحانه : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وقال جل شأنه: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

- ولتحذري – حفظك الله – من وساوس توهم عدم القدرة على النجاح, فإن استرجاع الثقة والطاقة والحيوية والمستوى الدراسي, يحتاج لعوامل التحلّي بالشجاعة ومرور الزمن وتعزيز الثقة فحسب (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين), وأن تطرحي مخاوفك جانباً, وتتغلبي على شكوكك وتطردي الأفكار السلبية وتصفي ذهنك وتتحرري من القلق والشعور بالضعف والدخول في تنافس مع نفسك ومع غيرك, فاستعيني بربك وتوكلي عليه وتيقّني بقدرتك على النجاح وتحقيق غاياتك وأهدافك النبيلة والجميلة, وفي الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.

- اجتنبي الوسائل المضيعة للوقت والموقعة في الإثم والمعصية من أجهزة وصحبة سيئة, واحرصي على لزوم الصحبة الصالحة والمثابرة على الدراسة ؛ لما لها من أثر كبير في تحصيل التوفيق إلى مصالح الدنيا والاخرة, و قد صح في الحديث:( المرء على دين خليله , فلينظر أحدكم من يخالل).

- كما أوصيك أولاً بضرورة الإلحاح على الله تعالى بالدعاء ولزوم الذكر والصلاة والطاعة وقراءة القرآن؛ كون ذلك من أعظم ما يستجلب به عون وتوفيق الرحمن, ويُستدفع به الشرور والهموم والأحزان (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).

أسأل الله تعالى أن يفرّج همك ويشرح صدرك ويتولّى وييسر أمرك ويلهمك الخير والصواب والحكمة والسداد والهدى والرشاد ويرزقك سعادة الدنيا والآخرة, والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً