الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة أخو زوجي أثرت على علاقتي بأهله، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعيش في إحدى البلاد الغربية، وحاولت أكثر من مرة أن أرسل رسالة وأريد جوابًا لها، لربما ليست من أنواع الرسائل التي تحتاج فتوى، ولكن فقط أريد جوابًا لسؤالي.

تزوجت منذ قرابة السنة، ولدتُّ وترعرعت في دولة عربية خليجية، وانتقلت إلى هذه الدولة الغربية بحكم أن زوجي ترعرع في هذه البلد ومصدر رزقه هنا.

قامت بعض المشاكل بيننا والتي تعتبر صغيرةً وتافهة مقارنة بكثير من المشاكل الزوجية، ولكن ما زلنا نتعرف على بعضنا البعض ونعتاد شخصية الآخر.

كانت علاقتي بأخيه أكثر من رائعة، كنا كالإخوة، فكان لي كالصديق ونمزح سويًا، ونضحك سويًا، وكل هذا بعلم زوجي، تحدثت مرة عن إحدى صديقاتي وقد طلب صورة لها فعرضتها عليه بموافقة زوجي أيضًا، لم أعرف أن بداخله بدأ يبني مشاعر، وأراد أن يتحدث مع صديقتي، وللعلم هذه الصديقة هي كما يقولون "صديقة عمري" فكانت أسرارنا عند بعض في كل صغيرة وكبيرة، بدأ يحادثها، وبعد ذلك تفاقمت المحادثة إلى أن قرر أن يتوقف بحكم دراسته، وأن أمامه مستقبلاً طويلاً من سنوات الدراسة، ولكن رجع ليتحدث معها، وهي بدورها استغلت هذا الشيء بإحساسها أنه يرغبها ويريدها ويقول لها كلاماً جميلاً، وهي قالت له كل شيء كنت أقوله لها وبعضه محوّر ومحرّف أيضاً فقط؛ لأنها تستغل أنه لن يتكلم ولربما سيغير من علاقته بي.

والآن هو لا يطيق أن يتحدث معي، ويحترمني فقط لأنني زوجة أخيه، وزوجي يلومني الآن أنني أتدخل في أشياءٍ لا علاقة لي فيها، وكثيرٍ من اللوم على أشياء كثيرة، فأنا تعبت، ولم أعد أطيق هذا الحال وخاصةً أنني أعيش في بيت أهل زوجي، أصبحت أحس أنني منبوذة من قبله ومن قبل أخواته، ولا أريد لهذا الشيء أن يضر من علاقتي في أخي زوجي، ولا أعلم ماذا أفعل؟ ضاق صدري، وأصبحت لا أعرف هل هذا ابتلاء أم مصيبة؟ أحتاج فقط أن أتحدث مع أحد وأن آخذ بنصيحته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ ياسمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

استشارتك تحتوي على عدة قضايا:

1. ضوابط التعامل مع رجل أجنبي:

فالواجب عليك أن تعرفي حدود التعامل مع الرجل الأجنبي، فأخو زوجك رجل أجنبي عنك، ولا يجوز له الانفتاح عليك، ولا المزح معه، ولا الاختلاء به حتى ولو بعلم زوجك، بل على زوجك أن يعلم ضوابط الشرع في ذلك، ويوجهك للانضباط بها.

والضيق الذي حصل لك لأن أخا زوجك لم يعد يتحدث معك إنما هو ناتج لظنك أن حالك معه سابقا صواب ومباح شرعا، والحقيقة أنه مخالفة للشرع، ولا تجوز؛ ولذا لا أرى أن تشعري بالضيق من عدم وجودها، لأن عدم وجودها هو مقتضى الشرع، فلابد من التقبل لهذا الأمر، والامتثال له طاعة لله، واحتساب الأجر من الله خاصة بعد علمك بالحكم الشرعي، قال الله سبحانه: ﴿وَما كانَ لِمُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمرًا أَن يَكونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا مُبينًا﴾.[الأحزاب: 36].

2. حفظ أسرارك وأسرار زوجك:

الظاهر من وصفك أنك غير حريصة على حفظ الأسرار ومنحها لصديقتك، وهذا تصرف غير لائق بالمسلم وخاصة إذا كانت أسرار زوجية أو تخص الأسرة، والواجب على المرأة أن تحتفظ بأسرار بيتها ولا تخرجها لأي شخص مهما كانت نوع الصداقة معه، وكذلك عليه حفظ اللسان من الغيبة والنميمة والطعن في الآخرين عند غيابهم؛ لأن من سمع ذلك سيوصله إليهم ويفسد بين الأقارب، وحتى لا تسلم رقبتها لمن وضعت عنده سرها، كما حصل لك الآن.

فاستغفري الله من ذلك، وخذي الدرس والعبرة للمستقبل، واختاري صديقاتك بعناية، واحتفظي بأسرارك، وتعاملي مع صديقاتك بطريقة فيها من الرسمية والاعتدال، فلكل شخص خصوصياته وأسراره.

3. علاقتك بأهل زوجك:

ولعل الذي حصل لك من قطيعة ونبذ منهم أثر من آثار تصرفاتك معهم، أو بسبب أخبار وصلتهم عنك من خلال صديقتك التي ربما كنت تسرين لها بعض الأخبار غير الجيدة عنهم؛ لذا ينبغي عليك الاعتذار لهم عما وصلهم منك، وتحسين العلاقة معهم، والإحسان إليهم واحترامهم، وحفظ أسرارهم، وإن شاء الله يذهب سوء التفهم الذي وقع بينكم وتعود العلاقة لطبيعتها.

4. إعطاؤك صورة امرأة أجنبية لرجل أجنبي:

هذا أمر لا يجوز لأنه من التعاون على الإثم والعدوان خاصة إذا لم يكن ذلك لغرض شريف وهو الخطبة لها؛
ولذا فالواجب عليك التوبة من ذلك كله، والاستغفار، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى، وعليك ضبط علاقاتك بأخي زوجك، وعدم الانفتاح معه مرة أخرى، ولتكن العلاقة رسمية جدا، وكوني محتشمة معه.

واهتمي بزوجك وأفرغي مشاعرك وأحاسيسك له، وامزحي واضحكي معه كما تحبين بعيدا عن الرجال الأجانب؛ فهو الشخص الذي أذن لك الشرع بالتعامل معه بلا حدود.

ولا تحزني على هذا الوضع الذي وصلت إليه العلاقة مع ذلك الرجل؛ فهي سبب لمعرفتك للحكم الشرعي وسؤالك عنه، ومن ثم للامتثال له، فلعل الله أراد لك خيرا بهذا الأمر، ويسر لك التوبة من هذه المخالفات، وإعادة ترتيب حياتك مع زوجك والآخرين وفق ضوابط الشرع حتى تسعدي في الدنيا والآخرة.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب يعقوب

    قال الله تعالى '' فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ''

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً