الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المفاضلة بين العيش في بلد خليجي والعيش في بلد غربي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو التكرم بإسداء النصحية لي حيث إنني أرسلت أسرتي إلى دولة أوروبية للعيش فيها، ولكن لم تجر الرياح بما تشتهي السفن، فقد ترك ابني الكبير المدرسة بعد ثلاث سنوات وأصبح غير مكترث بما يدور حوله، ولم يوفق للعمل هناك، ولا أستطيع إعادتهم مرة أخرى فقد تزوجت بناتي هناك وأصبحت لا أستطيع العودة.

مع العلم أنني أعمل في دولة عربية لأنفق عليهم مما يزيد من صعوبة الأمر علي؛ لأنني إذا ذهبت للاستقرار معهم فسوف أجد صعوبة في البحث عن العمل رغم أن أولادي يطلبون مني ذلك، يقولون من رزقك هناك فسوف يرزقك هنا.

وقد سبب لي البعد عنهم رغم زيارتهم كل 6 أشهر كثيراً من المتاعب النفسية الجسدية والخسارة المالية، وقد حرمت من السفر إلى بلدي الأصلي لزيارة والدي بسبب انشغالي في السفر إلى تلك الدولة، فهل من نصحية أو توجيه؟ هل أترك عملي وأستقر هناك رغم أنني لا أحب تلك الدول لولا الظروف التي دفعتني للهجرة هناك؟

وأرجو مساعدتي في الطرق السليمة للتخطيط لمستقبل أسرتي حيث إنني موظف في دولة خليجية، ولدي 4 أبناء: اثنتان من البنات قد تزوجتا، وبقي لدي ولد لم يكمل دراسته ولم يعمل، وطفل في المدرسة، وهم جميعاً في أمريكا، وأنا من بلاد الشام، وليس لي بيت هناك سوى بيت الوالد، ولدي مبلغ من المال لا أستطيع أن أتصرف به حيث إنني فكر في تزويج ابني أو أعمل مشروعا تجاريا ولا أعرف معالمه لأنه لا توجد لدي خبرات تجارية.

وأفكر في شراء بيت ببلاد الشام، ولكن لا يبقى شيء إذا فعلت ذلك، وأنا في انتظار الحصول على الجنسية الكندية، ولكن وجدت أنه يوجد لدي مشاكل بسبب اكتشاف الحكومة الغربية أنني أعمل في الخارج؛ مما سوف يؤخر حصولي على الجنسية.

كما أن بناتي متزوجات من غير عرب (مسلمين)، وهن بعد عدة سنوات سوف يغادرن للاستقرار في بلد آخر، وهذا يزيد من أملي، ولو فكرت في الاستقالة للاستقرار في دولة غربية فسوف أجد صعوبة في الحياة أو في العمل، مع العلم أنني أملك الهوية الفلسطينية، ولكن زوجتي لا تملكها، وهي لا تعمل وليس لديها شهادة جامعية، فأنا الآن في حيرة، ماذا أفعل؟ وأين أتجه؟ وكيف سوف أدبر الأمر؟ أعلم أن الأمر بيد الله، ولكن علي التزامات ضرورية، كيف أعيد ابني إلى دراسته؟ وكيف أحقق النجاح له؟ وكيف أخرج من تلك الدولة الغربية بأقل الضرر؟ وكيف أضمن قرب بناتي مني؟ وكيف أضمن دخلاً وإيراداً من مشروع تجاري؟ وكيف أحصل على الاستقرار النفسي في تلك الأجواء؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غريب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يحفظك، وأن يعينك على ما فيه الخير في الدنيا والآخرة.

شكراً لك مراسلتك لنا، ونرحب بك وبكل المسلمين، ونتمنى أن نتعاون جميعاً على حل مشاكلنا.

قرأت رسالتك أخي وما أنت فيه من حيرة لشتات الأسرة بين بلاد الغرب والوطن العربي، وبعد تفكير وتروٍ وموازنات، أقول:

من المعلوم يا أخي أن الأسرة ترتبط ببعضها البعض عدا البنات؛ فهنَّ أمانة مستردة لحين ما يأتيهن من يطلبهن، فتخرج البنت من بيت أبيها لتكون هي أسرة قائمة بنفسها، وإلا لو ارتبطت البنت ببيت أبيها وأسرتها لما سارت الحياة.

ومن هنا أقول لك: إن الأمر الطبيعي أن يكون البنات المتزوجات بعيدات عن والدهن ووالدتهنَّ وأسرتهنَّ، لأنهنَّ شرعاً عليهنَّ البقاء مع الزوج حيثما ذهب.

كما أن الأبناء والبنات القصر مع الزوجة يجب أن يكونوا مع الأب حيثما كان؛ حتى يقوم بواجب العناية والرعاية والتربية، وحتى تجد الزوجة حقوقها.

ومن هنا أرى أنه لا خيار لك أبداً إلا الآتي:

1- أن تبقى أنت في الخليج؛ لأنه بلدٌ إسلامي، وأبواب الرزق فيه واسعة، وهو مكان استقرارك وعملك ومعيشتك.

2- أن ترسل لزوجتك وطفليك وتحضرهم فوراً ومن غير تأخير إليك ليكونوا تحت رعايتك وتربيتك والإشراف الكامل عليهم، أما ابنتاك فقد صرن مع أزواجهنَّ، وارتبطت حياتهن بهؤلاء الأزواج، لذا لا مجال لبقائك معهن ولا لبقائهن معك.

3- تستطيع أن تجمع شمل أسرتك بالخليج، وأن تحقق مستقبلك ومشاريعك بترتيب أمورك.

4- ولديك في سن المراهقة، وهي سنٌ تتطلب إشراف الأب؛ لأن الأم عاجزة عن ذلك، وإن لم يتدارك الأب هذه المرحلة عاجلاً لضاع الأول، لا سيما وهم في بلاد الغرب يختلفون عنا ديناً وخلقاً وعادات وتقاليد، وتلك حياة لا ضابط لها من الدين.

لذا، أرى أنه لا خيار لك إلا أن تسعى فوراً بإحضار زوجتك وولديك إليك في الخليج، وأما بناتك فلك أن تزورهم من وقتٍ لآخر وهم يزورونكم.

نسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير والرضا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً