الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستعيد الثقة في نفسي وأتخلص من الضياع؟

السؤال

السلام عليكم

تعرضت لمشكلة؛ وكل يوم أفكر كيف أتخلص منها، أصبحت الدنيا سوداء في عيني لا أستطيع التحدث لأحد عنها، ولا أستطيع أن أحلها، لجأت إلى الله في بداية المشكلة، وكنت أدعو وأقوم الليل، وأذكر الله في كل وقت، لكن المشكلة ما زالت هاجسي، ولم أستطع الخلاص منها.

أصابني فتور في الدعاء والعبادة لدرجة أني أتمنى أن يحصل لي مكروه أو أموت لكي أتوقف عن التفكير! أشعر أني سأصبح مجنونة من التفكير.

كيف الخلاص منها؟ أنا جداً متعبة نفسياً، لا أعلم ما سبب الفتور الذي أصابني؟ لم أعد أريد عمل شيء، وليس لدي أي رغبة في الحياة، وعندما أدعو الله أشعر أن الله وضعني في هذه المشكلة كي يعاقبني؛ لأنه غاضب علي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ييسر أمرك ويصلح حالك.

اعلمي وفقك الله لهداه، أن الحياة الدنيا دار ابتلاء واختبار، ولا يسلم أحد من الابتلاء والاختبار فيها، أحياناً يبتلى بالشر وأحياناً بالخير، قال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ﴾.[الأنبياء: 35].

كما أن كل إنسان يتعرض فيها للمشقة، ويكابد ظروف الحياة كما قال: ﴿لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ﴾ [البلد: 4] أي: لقد خلقنا الإنسان في تعب ومشقة؛ لما يعانيه من الشدائد في الدنيا.

يجب عليك أن تستحضري هذا الأمر عند النظر في مشكلتك، وأنك في دار اختبار وامتحان، وأن الحياة لا تخلو من المشقة والمكابدة، وأنك لست الوحيدة التي تعانين من مشكلة، بل كل إنسان له مشاكله.

الفرق بينك وبين غيرك أنه يصبر ويتحمل ويسعى في حل مشكلته، ولم يستسلم لها أو يقنط من حلها.

عليك أن تثقي في نفسك وتحسني الظن بالله، وتأخذي بالأسباب المتنوعة لحل المشكلة، ولا تستسلمي لها فلكل مشكلة حل، وقد يتأخر الحل لاختبار صبرك، فلا تستعجلي ولا تيأسي.

أما تمنيك للمكروه أو الموت للتخلص من المشكلة فأمر لا يجوز شرعاً، قال صلى الله: (لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به) بل الواجب عليك أن تسألي الله العفو والعافية.

حيث أنك لم توضحي ما هي مشكلتك بالضبط حتى نصف لك علاجاً لها وفقاً لنوعها وطبيعتها، بل احتفظت بها لنفسك؛ فهذا شأنك ولك ذلك؛ غير أننا سنعطيك نصائح عامة تستخدم في كل الأحوال

ننصحك بالآتي:
- الإلحاح على الله بالدعاء لحلها وعدم الاستعجال وعدم اليأس والقنوط، لا تتركي الدعاء أبداً حتى لو تأخرت الإجابة، فالدعاء حبل وصل بين العبد وبين ربه! يسأله ويتضرع إليه ويتلذذ بمناجاته، والخضوع بين يديه، ويفعل ذلك تعبداً ورقاً وطلباً لحاجاته.

- كما ننصحك بكثرة الذكر والاستغفار والصدقة بنية تفريج الكربات، والإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإكثار من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، الإكثار من قول: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).

- البحث عن رفقة صالحة من الأخوات، أو الالتحاق ببرنامج تربوي علمي، كحلقة لتحفيظ القرآن الكريم أو التسجيل في مركز شرعي، وعدم الانطواء على نفسك بل اشغليها بالأعمال المباحة من قراءات وتعلم ونحوه حتى لا تنفرد بك الخواطر والوساوس.

- كلما خطر لك التفكير في المشكلة حاولي قطع التفكير فيها والاستعاذة من الشيطان، وتحويل التفكير إيجابيا حولها.

- عليك بالمداومة على أذكار الصباح والمساء، والاستماع على الرقية الشرعية فارقي نفسك بالفاتحة والمعوذتين وآية الكرسي صباحاً ومساء، فالقرآن شفاء من كل داء.

- تخلصي من الفتور بإلزام نفسك ببرنامج إيماني يومي وأنشطة مباحة تقومي بها ببعض التمرينات الرياضية في البيت، والمشي ونحوها.

- استحضري أن الله رحيم ودود، وأن الله لا يريد عقوبتك وإنما يريد أن يمحصك ليرفع درجتك ويذهب سيئاتك، وأحسني ظنك بربك وثقي بعفوه ومغفرته سبحانه.

- لا يلزم من وجود ابتلاء الله للعبد أن يكون الله غاضب عليه، بل الابتلاء أحياناً يكون لمن يحبهم الله؛ لرفعة درجاتهم كما حصل لغير واحد من الأنبياء مثل: أيوب عليه السلام، ويوسف عليه السلام، وغيرهم.

أسأل الله لك التوفيق والصلاح والهداية والانشراح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً