الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة القراءة وإشغال وقتي بما ينفعني قد زاد من عزلتي عن أصدقائي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبدئيا أحببت أن أشكر كل من شارك في هذه الشبكة الإسلامية، وأسأل الله العظيم أن ينفع بكم الأمة، وجزاكم الله كل خير.

وشكر خاص لـ د/ محمد عبد العليم على ما قدم لي من استشارة طيبة قد كانت سببا في تغيير حياتي، فجزاك الله خيرا، وآمل أن يجمعني الله -عز وجل- بك في الجنة إخوانا على سرر متقابلين.

كنت قد راسلتك من قبل في استشارة بعنوان "أحلم بأن أكون داعية ولكن رهبتي من محادثة الآخرين تعوقني"، وقد أصبت الرأي حينما بينت لي مثلث الأفكار والمشاعر والأفعال، فقد كانت مبادئي ليست على وفاق مع أفعالي، وقد كان ذلك المسبب الرئيسي في توتري ورهبتي من الآخرين.

بدأت بمجاهدة نفسي قدر استطاعتي، فتركت ما لا ينفع ولا يضر أيضا، وشغلت نفسي بما ينفعها، فطالعت الكتب الديني منها والعلمي، وشاهدت الوثائقيات، وتركت مشاهدة الأفلام، وتابعت أخبار الأمة، وتخليت عن متابعة المباريات، فما هي إلا تعصب كروي، زادني ذلك وعيا وعلما، وعاهدت نفسي بأن أنفع الناس بما أبصرني به الله -عز وجل-.

فبدأت بالكتابة على مواقع التواصل الإلكتروني، وأحبني الناس لما رأوه من مقالاتي وأفكاري، وأندهشوا من تغييري المفاجئ بفضل الله -عز وجل- ثم بفضلك.

لكن واجهتني بعض المشاكل:
- كثرة القراءة وإشغال وقتي بما ينفعني قد زاد من عزلتي عن أصدقائي، فرغم حبهم لي وتمنيهم بالتغيير مثلي إلا أنني لست مرغوبا اجتماعيا، فهم يحبون الفضفضة (وغالبا ما تكون غيبة ونميمة)، وكثرة الضحك فيما يليق وما لا يليق، ولا أجد اهتماما يربطني بهم.

كما أن عدم تقبلي لطباعهم ونفوري منها قد زاد ذلك من نفورهم مني، وكما كنت على الهامش من قبل يوم كان لا يعيرني أحدهم اهتماما، أراهم اليوم يتربصون لأخطائي.

لا أعلم إن رزقني الله -عز وجل- بالصحبة الصالحة هل سأظل انطوائيا كذلك أم لا؟ فقد قضيت حياتي كلها كذلك ونشأت في أسرة هي الأخرى كذلك، فمعيشتنا في البيت هي الأخرى رتيبة، علما بأني أغلب الوقت مغترب؛ لأجل الدراسة أو لتحصيل دورات علمية بالإجازات.

أشتكي أيضا من صداع "شبه دائم" يستمر لبضعة أسابيع، وقد يزول ليومين أو ثلاث ثم يعود مرة أخرى، ويزيد حدة مع كثرة التفكير والضغط الدراسي أيضا والذي لا مفر منه، وقد زاد هذا أيضا من انطوائيتي، فلا أشعر بالتركيز مع ثقل رأسي والصداع المستمر.

مع العلم أنه قد أصابني القولون العصبي منذ سنة تقريبا، وممتنع عن الأطعمة المضرة له، إلا أن هذا الصداع قد لازمني من قبل أن يصيبني القولون.

لا أعرف إن كانت حياتي الرتيبة هي من سببت لي هذا الصداع، أم أن هناك شيئا آخر أجهله.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً -أخي- وبارك الله فيك على هذه الكلمات الطيبة، ونسأل الله تعالى لكم ولنا ولجميع المسلمين الفردوس الأعلى، أنا سعيد جداً أن أسمع هذه الأخبار الطيبة فيما يتعلق بتقدمك العلاجي، ومن الواضح أنك استفدت كثيراً من الأساليب السلوكية لتغيير نمط الحياة، وللتخلص من السلبيات، والتزود بالإيجابيات في كل منحى من مناحي الحياة، فأرجو أن تسير على هذا النسق.

فيما يتعلق بما ذكرته أنك أكثرت القراءة، وإشغالك نفسك بما ينفعك أضر بك في علاقتك الاجتماعية مع أصدقائك، وأنا أقول لك -أيها الأخ الحبيب- يمكن للإنسان أن يوفق من خلال وضع برنامج يومي لإدارة الوقت، والإصرار على تطبيق البرنامج، خصص وقتا للقراءة، خصص وقتا للعبادة، خصص وقتا للعمل، وقت للتواصل الاجتماعي، فهذا يجعلك تعيد تشكيل أفكارك وكذلك أفعالك، مما يجعلك متفاعل من الناحية الاجتماعية، فأرجو أن تحرص على حسن إدارة الوقت.

والأمر الآخر وهو من وجهة نظري أفضل وسيلة للتأهيل الاجتماعي الحقيقي، وهي أن تلزم نفسك إلزاماً صارماً بأن توفي الواجبات الاجتماعية، وأن لا تتأخر أبداً في تلبية الدعوات، الذهاب إلى الأعراس، المشاركة في الأفراح، المشاركة في الجنائز، تقديم واجبات العزاء، زيارة المرضى، تفقد للجيران والسؤال عنهم وزيارتهم، فهذه -يا أخي- طرق اجتماعية تفيد الإنسان وإن شاء الله تعالى فيها خيري الدنيا والآخرة، وهي قطعاً سوف تكسر تماماً حاجز الانعزال الذي تتخوف أنت منه، وأرى أيضاً أن انضمامك لأحد الجمعيات الثقافية أو الاجتماعية أو الرياضية سوف يفيدك لتؤهل نفسك من الناحية الاجتماعية بصورة أفضل وتكون مرضية لك.

فيما يتعلق بالصداع الصداع -أخي الكريم- له عدة أنواع مسببات، هنالك الشقيقة وما يعرف بالصداع النصفي وهذه لها خاصيات، هنالك الصداع الذي يأتي نتيجة للقلق، وهناك صداع الذي يكون نتيجة لأمراض عضوية داخل الدماغ، وهنالك الصداع الذي يحدث لأسباب بسيطة جداً مثل وضعية النوم مثلاً، بعض الناس ينامون على أكثر من مخدة ولا ينامون على شقهم الأيمن، هذا قد يؤدي إلى انشداد في عضلات الرقبة وعضلات فروة الرأس مما ينتج عنه الصداع، فلا أستطيع أن أقول أن ذلك سببا في صداعك، لكن أنصحك بأن تنام على وسائد خفيفة على شقك الأيمن، وأن تحرص على أذكار النوم، تمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس التدرجي، وقبض العضلات وشدها تساعد كثيراً في علاج الصداع.

فأرجو يا أخي أن تتخذ هذا المنهج كوسيلة أساسية لعلاج الصداع، أحياناً الصداع يكون مرتبطا بتناول أطعمة معينة، فحاول أن تلاحظ نفسك إن كان هنالك طعام معين كالشيكولاته مثلاً تثير عندك الصداع، فحاول أن تتجنب ذلك، القولون العصبي هو دليل على وجود شيء من القلق النفسي، الرياضة هنا سوف تكون مفيدة جداً لتصرف هذا الصداع عنك، وكذلك ألم القولون العصبي، فأرجو أن تحرص على ذلك أخي.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً