الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا مريض بالفصام، وأكثر ما يضايقني هو التبلد وعدم الشعور بالمسؤولية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مريض بالفصام منذ عام 2009 تقريبا، ومنذ ذلك الوقت أتناول ابليفاي15 إلى عام 2016، وقمت تدريجيا بتخفيف الجرعة إلى أن تركت الدواء.

أصبحت نشيطا ولكن رأسي لا يهدأ من الأفكار، وتحسن وزني، وعملت إلى أن أتتني الهلوسات ورجعت لابليفاي جرعة 30 إلى الآن وأنا مستمر عليه، ولا أريد ترك الدواء نهائيا بعد أعراض الهلوسة التي تعرضت لها.

السؤال: أنا متبلد وبارد ولا أشعر بالمسؤولية اتجاه نفسي وعائلتي، علما أن المسؤولية على عاتقي بعد وفاة والدي -رحمه الله-، أنا لا أشعر بشيء، وأحب النوم والكسل، ولا أريد مفارقة المنزل!

ذهبت عدة مرات لأطباء نفسيين أشكو حالتي لهم بأني كسول ومتبلد ولا أستطيع القيام بمسؤولياتي، ما كان جوابهم إلا أن أستمر على الدواء، بمعنى أنه لم تكن لديهم ردود تساعدني على حل مشكلتي، حاولت ممارسة الرياضة لتقوية إرادتي، حاولت بكل الطرق، أنا أحاول وكلما أحاول لا أستطيع!

أشعر أني صرت عبئا على أسرتي؛ لأني إنسان مستهلك عندهم غير منتج! أرجو الإفادة.

تحياتي لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Sam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أشكرك – أيها الأخ الكريم – على أنك مُدركٌ لحالتك، وأنك حريصٌ على تناول الدواء.

مرض الفصام يحتاج لتأهيل اجتماعي وتأهيل نفسي بجانب العلاج الدوائي. الفصام قد يؤدي إلى ضعف الدافعية عند الإنسان، وكذلك الطموح، لكن هذا يتخطَّاه الإنسان من خلال إدراكه، لأن الإنسان إذا يُدرك الشيء يستطيع أن يتخطّاه.

والأمر الآخر: أن تستشعر هذه المسؤولية التي هي على عاتقك، لأن استشعار المسؤولية في حدِّ ذاته أيضًا يُحرِّك الإنسان الكوامن الإيجابية ويُحسِّن الدافعية.

الأمر الثالث هو: أن تُحسن إدارة الوقت، أن تضع جدولاً يوميًا لإدارة الوقت، تُحدد مثلاً أوقات الصلاة، تُحدد الوقت الذي سوف تنام فيه، تُحدد الوقت الذي سوف تمارس فيه الرياضة، تحدد الوقت الذي سوف تجلس فيه مع الأسرة... وهكذا، لأن هذه البرامج إذا حدَّدها الإنسان وحدد وقتها – والتي يجب أن يُنفذها في اليوم واتخاذها أمرًا مُلزمًا – سوف ينفذها وسوف يقوم بإنجازها، ويجب ألَّا يكون هناك تباطؤ، لو نفذتَ البرامج اليومية بنسبة ستين إلى سبعين بالمائة كبداية هذا يُعتبر إنجازًا كبيرًا.

ويا أخي: النوم الليلي المبكّر، وتجنب النوم النهاري، وممارسة الرياضة مهمَّةٌ جدًّا ومفيدة جدًّ، وفي حالتك الرياضة الجماعية أفضل، إذا كان لديك صديق أو أكثر من صديق واتفقتَ معهم على أن تمارسوا رياضة المشي أو الجري أو كرة القدم، هذا سوف يفيدك – أخي الكريم -.

احرص على الصلاة في جماعة، صلاة الجماعة محفّزة جدًّا لتحسن إرادة الإنسان، حين تقابل المصلين في المسجد وتعرف أن هذا ذهابٌ إلى عمله، وهذا يقضي واجباته، وهذا يريد أن يقوم بكل ما هو مطلوب منه، هذا – يا أخي – في نفس الوقت يُحفّز الإنسان على أنه أيضًا يقوم بواجباته اليومية الأسرية والعملية والاجتماعية، ويُنجز ما هو يُرادُ إنجازه.

وقطعًا الباقيات الصالحات والأدعية والأذكار فيها خير للإنسان كثيرًا، وهي {خيرٌ عند ربك ثوابًا وخيرٌ أملاً}، فاحرص على هذا أخي الكريم.

ولا بد أن يكون لك ورد قرآني يومي، لأن القرآن يجعل فكر الإنسان يتفتّق، ويكون إيجابيًا، ويتحسّن التركيز، بشرط أن تكون القراءة صحيحة وبتدبُّر وتأمُّل وتجويد.

هذه برامج علاجية أريدك أن تلتزم بها، وقد جرَّبناها مع الكثير من الأخوة والأخوات الذين يُعانون ما نُسمِّيه بالأعراض السلبية، وهي ضعف الإرادة الاجتماعية، والإرادة الدافعية نحو العمل وخلافه، تحسَّنوا بفضل الله تعالى.

ويا أيها الفاضل الكريم: أيضًا وجدنا أن عقار (بروزاك) والذي يُسمَّى علميًا (فلوكستين) – وهو مضادا للاكتئاب، ومُحفّز – وجدناه مفيدًا جدًّا، أنا في مثل حالتك أصفه، والجرعة هي عشرون مليجرامًا، كبسولة واحدة في اليوم، تناوله مع جرعة الـ (إبليفاي).

وأيضًا جرعة الإبليفاي – وهي ثلاثين مليجرامًا – جرعة ممتازة، لكنها في بعض الأحيان ربما تُسبِّبُ ما نسميه بالململ الحركي، ربما تحسّ أنك لا تريد أن تجلس في مكانٍ واحد، أو تحس بشيء من العُسْر البسيط في المزاج، هنا يُعتبر عقار (إندرال) مفيدًا جدًّا، أعطيه وأصفه أيضًا بجرعة صغيرة، عشرة إلى عشرين مليجرامًا.

فهذه كلها إن شاء الله تعالى فواتح خير لك، شاور طبيبك في الأدوية التي ذكرتها، وطبِّق ما ذكرته لك من إرشاد، وأريدك أن تتواصل معي – أخي الكريم – بشرط أن تُطبِّق ما قلته لك، لأني أريد لك الخير والنفع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً