الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توقفت عن الدعاء بسبب اليأس والقنوط، فما الصواب؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شخص أحب الدعاء جداً، وهو سلاحي الوحيد، لكن عندما رأيت شخصاً يعبد الله كثيراً، ويدعو كثيراً، ولكنه في حالة سيئة جداً، فهو تحت خط الفقر، وحالته ميؤوس منها، عندها توقفت عن الدعاء، لأنني أحسست بالقنوط، لماذا لا يساعد الله هذا الرجل المسكين؟ رغم أنه في نفس الحالة منذ تسع سنين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ MJHOL حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا وأخانا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك ولذلك الرجل الخير ثم يرضيكما به، وأن يصلح الأحوال، وأن يُحقق في طاعته الآمال.

ننصحك بعدم ترك الدعاء؛ لأن الدعاء هو العبادة، وكيف نتوقف عن الدعاء؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يبشرنا بقوله: (ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلَّا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمَّا أن يستجيب الله دعوته، وإمَّا ان يدّخر له من الأجر مثلها، وإمَّا أن يصرف عنه من السوء مثلها).

الذي يدعو الله رابح في كل الأحوال، بل إن ربنا العظيم قد لا يستجيب الدعاء ويكون ذلك لمصلحة الإنسان، فكم من إنسان سأل الله سيارة فكان موته بها، أو سأل الله أموالاً فكانت سببًا لفساده وقطع رحمه، وربنا سبحانه حكيم، وهو سبحانه (لا يُسألُ عمَّا يفعل وهم يُسألون).

ما يُقدره الله لنا أفضل من الذي نحبُّه لأنفسنا، {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم}، و{فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا}.

أرجو أن تعلم أن من الناس من لا يصلح معه إلَّا الغنى، ومنهم من لا يصلح معه إلَّا الفقر، وربنا هو الحكيم العليم، والسعيد هو الذي يرضى بما يُقدّره الله له، والعاقل يتعرَّفُ على نعم الله عليه ثم يقوم بشكرها، فينال بشكره المزيد، وكلُّنا يا ابني صاحب نعمة، ونعم الله مقسَّمة، فهذا يُعطى مال ويحرم العافية، والثاني يُعطى العافية والولد فيُحرم المال، والثالث يفوز بالوظائف ويُحرم الأولاد، (وعجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلَّا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).

تعوّذ بالله من شيطان يريد أن يحرمك من سلاح الدعاء، وتعوّذ بالله من عدو يحاول أن يدفعك للقنوط والاعتراض والعياذ بالله، ولا تستعجل الإجابة، فإنه (لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ والاسْتِعْجَالُ؟ أن يَقُول العبد: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ).

احرص - يا بني - على الدعاء للأخ المذكور، حتى تؤجر مرتين، ودعواتك له بظهر الغيب أقربُ للإجابة، وأضمن لأجرك، وأكْثِر من الاستغفار، وتجنب مثل هذه الأفكار، وتواصل مع موقعك، ونسأل الله أن ييسر عليه، وأن يوفقك ويتقبّل منَّا ومنك، ونسأل الله سبحانه أن يتوب علينا لنتوب، وأن يلهمنا جميعًا السداد والرشاد.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً