الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوحدة تقتلني، فأنا في هذه الحياة بدون أصدقاء.

السؤال

السلام عليكم.

الوحدة تقتلني، لا يوجد لدي أصدقاء، أتظاهر أمام أهلي أن الوحدة تعجبني ولكن في الحقيقة عكس ذلك، أحيانا أصل إلى البكاء من الوحدة والفراغ، أهلي يقولون لي: ليس لديك أصدقاء، لا أعرف كيف أُجب عليهم؛ لأنني لا أعلم لماذا؟! أتمنى أن أجد شخصا يسأل عني ويهتم لأمري، فأنا أجلس في البيت 24 ساعة، وعلى هذه الحالة منذ 10 سنوات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، ويصلح لنا ولك الأحوال، ويحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

نحن سعداء بتواصلك -ابننا الكريم- مع الموقع، ونعتقد أن هذا التواصل مع الموقع بداية جيدة للخروج مما أنت فيه، فنحن أصدقاء لك وفي مقام الآباء والإخوان فتواصل مع موقعك ثم عليك أن تتخذ أهل البيت أصدقاء لك، فالإنسان ينبغي أن يكون صديقا لوالديه ولإخوانه ولأخواته الأشقاء، لأن الصداقة تبدأ بمناقشة الأمور الهامة بالوقوف مع الناس في أفراحهم وأطراحهم وأيضاً ببذل المساعدة للناس، بفتح المواضيع التي تهمهم، والإنسان ينبغي أن يتخذ الصديق؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يستغني عن وجود صديق في حياته، فهذا الإنسان مدنياً بطبعه، لا يمكن أن يعيش وحده، ولذلك هو بحاجة إلى الناس والناس بحاجة إليه، ومن هنا كان السجن عقوبة، وإلا فلو تأملت يا ابني تجد هذا المسجون يأكل ويشرب وقد يشاهد التلفاز وقد يقرأ الصحف ولكنه في النهاية مسجون؛ لأنه ممنوع من التواصل مع الآخرين، فالتواصل مع الآخرين جزء أساسي جداً في حياة هذا الإنسان لأنه كائن مدني بطبعه، ونؤكد مرة ثانية أن شعورك في الأمر مشكلة هو البداية الصحيحة، ونؤكد لك أن الحل سهل ونقترح عليك ما يأتي:

أولاً: توجه إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء بأن يرزقك أصدقاء صالحين ناصحين، تكون بينهم الصداقة على التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

الأمر الثاني: عليك أن تسعى إلى الأماكن التي ستجد فيها الأصدقاء، وأفضل تلك الأماكن هي المساجد، مراكز التحفيظ، أماكن المحاضرات، مواطن الخيرات.

النقطة الثالثة: عليك أن تفتح مواضيع مما يهم الناس؛ لأن الناس تتكلم معك عندما تتكلم في الأمور التي تهمهم، فإذا وجدت شبابا مصلين تكلم عن الصلاة، فيتجاوبون معك، أو أن وجدت شبابا يحب الرياضة تكلم عن الرياضة وكوّن لنفسك ثقافة هذا أيضاً مهم، ومما يعينك على كسب الأصدقاء حسن التعامل معهم، الابتسامة في وجوههم، حسن الاستقبال لهم، الوقوف معهم في الأفراح كما قلنا، وفي الأطراح.

كذلك أيضاً محاولة دائماً التعرف على الناس وعلى طبائع الناس، وهذا سهل طبعاً، أنت في البداية تتعرف على الإنسان قد يصلي معك الظهر أو العصر أو المغرب ثم بعد ذلك يتكلموا عن بعض المواضيع العامة ثم بعد ذلك تتوسع هذه الصداقة، وأيضاً الإنسان عندما يساعد الآخرين ويبذل لهم ما يستطيع من مساعدة ويتعاطف معهم، فلو وجدت إنسان مثلاً وشكى لك أن رأسه يؤلمه كونك تسأل منه وتسأل الله له العافية، وفي اليوم الثاني تقول أرجو أن تكون قد أصبحت بصحة جيدة، فحاول أن تكسر هذا الحاجز، وصدقني هذا الحاجز وهمي، والناس دائماً يرتاحون إلى من يتواصل معهم، ونؤكد أن مسألة الخروج مجرد الخروج من البيت ستجد من يجبرك على الدخول في صداقات، لأن الناس هم سيتواصلون معك أيضاً ويبدأ أحدهم يسألك ما اسمك؟ أين تسكن.. أي أسئلة عادية، وأنت أيضاً تبادله أنا في المكان الفلاني وعندي كذا من الإخوان، درست كذا، أو أعمل في كذا، أو أفكر في الطريقة الفلانية فستجد مواضيع تستطيع أن تتحاور فيها مع الآخرين.

وبالنسبة لأهلك أرجو أيضاً أن تطلب مساعدتهم، وأكبر مساعدة هي أن تتفاعل معهم، يعني الآن تحرك من مكانك واذهب للوالدة واسألها عن صحتها وعن أحوالها، إذا كان الوالد موجود اسأله عن الحياة وعن خبراته في الحياة وعن بعض الوصايا، إذا كانوا الأشقاء موجودين كل واحد تقترب منه وتبدأ تتكلم معه، لا تعزل نفسك، واجتهد دائماً في أن تكون صداقات في الواقع ليس في العالم الافتراضي، وإنما في الواقع من خلال تعاملك مع الآخرين ومع من حولك، أيضاً اهتمامك بأمر الناس هو الذي سيجعل الناس يهتمون بأمرك، لأنك أنت الآن لا تنتظر من الناس أن يهتمون بك دائماً، لكن أنت أيضاً عندما تهتم بهم وعندما تسأل من صحتهم من الطبيعي أن يسألوا عن صحتك ويهتمون بك، اطلب مساعدتهم دون حرج خاصة أهل البيت، قدم المساعدة لإخوانك أيضاً إذا احتاجوا إلى المساعدة، حاول دائماً أن تكون في مواطن الخير، تسأل الأسرة إذا كانوا يحتاجون إلى بعض الأشياء من السوبر ماركت أو البقالة أو المول التجاري تأتي لهم بالأشياء البسيطة طبعاً في الطريق ستتعامل مع البائع ستتعامل مع المارة في الطريق ستقول لإنسان لو سمحت تدخل من هنا أو تخرج من هنا، ستسأل عن أسعار البضائع، يعني أشياء كثيرة تفتح لك بابا كبيرا جداً وستجد الناس يتعاملوا بتلقائية، ويتعاملوا بأريحية في هذا المجال، ونسأل الله أن يعينك على كسر هذا الحاجز، وأن يوفقك لما يحب ويرضاه..

نكرر لك الشكر، ونسعد بالاستمرار في التواصل مع موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، ووصيتنا لك بتقوى الله ثم بالحرص على طاعته، وشكراً لك مرة أخرى على السؤال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً