الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفي والدي وأشعر أنني لم أوفِّه حقه.

السؤال

السلام عليكم

أمي توفيت وأنا في سن (17) عاماً، وأنا الأصغر سنا في عائلتي، عشت أنا ووالدي، فكان هو الأب والأم والأخ والصديق، وكانت علاقتنا ليس لها حدود نتناقش في كل المواضيع، نتخاصم ونتصالح إلى أن تزوج كل إخوتي وذهب كل واحد وبقيت أنا معه حتى بلغ (88) سنة، وألزمه المرض الفراش.

كنت أنا الوحيد من يساعده في كل حاجاته اليومية وكان يحبني حباً شديداً إلا أنني كنت أغضبه بعض المرات بسبب عصبيتي، وأطلب منه السماح فيسامحني بكل فرح، وبعدما توفي ندمت كثيراً على اللحظات التي كنت أغضبه فيها وأنا في حسرة من أمري، فهل لي من توبة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ج/مولود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك في موقع الاستشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يرحم والديك، وأن يغفر لهما، وأن يكتب أجرك في برك بهما، والجواب على ما ذكرت:

لقد أحسنت كثيراً حيث كنت باراً بوالدك حتى وفاته، وهذا البر له أجر عظيم عند الله، فمن كان بارا يدخل الجنة ممن باب يقال له الوالد، وهو أوسط أبواب الجنة كما جاء في الحديث عن نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسيكون هذا البر لك خيراً في الدنيا، وسيكون ابناؤك بارين بك -بإذن الله-، كما أنك أحسنت وأديت ما عليك لملازمتك له حتى الوفاة، وهذا أيضا من فضل الله عليك أن وفقك إلى هذا العمل الصالح.

ما ذكرت من أنك أحيانا تغضب الوالد، ثم كنت تعتذر منه، فقد أحسنت أيضا في تصرفك؛ لأنك قد أديت ما يلزم عليك شرعا من طلب المسامحة من أبيك، وأبوك لأن قلبه قلب أب رحيم بك، ولما يرى عليك من البر به، كان يسامحك، فلا داعي بعد هذا لتأنيب الضمير، أو الندم.

لو سلمنا جدلا، أنك أخطأت في حق أبيك، ولم يحصل العفو منه والمسامحة لك في حياته، فإن اللازم عليك شرعا الآن التوبة إلى الله، ثم تكثر من الدعاء والاستغفار لأبيك، والتصدق عنه بما يتيسر ولعلك تفعل كل هذا، وبهذا تكون قد فعلت ما يلزم عليك، والله سيغفر لك إن شاء الله، ويعفو عنك.

أخيراً: عليك أن تكون حياتك حياة طبيعية فلا داعي للندم والقلق، فأنت على خير كثير وقدوة للآخرين في فعلك، وإن مما يزيل ندمك شعورك أنك كنت محسنا لأبيك في حياته، واحذر من المبالغة في الندم على شيء ليس له حقيقة، وحتى لا تتعطل حياتك وتفقد السعادة والهناء فيها؛ لأن هذا من مداخل الشيطان على النفس.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً