الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتعامل الزوجة مع زوجها أثناء غضبه؟

السؤال

السلام عليكم

نشكركم على الجهد المبذول، وأريد أن أعرف كيفية تعامل الزوجة مع زوجها إذا كان غاضبًا، وأرجو الإجابة بالتفصيل، فماذا تفعل إذا كانت مخطئة؟ وماذا تفعل إذا كانت غير مخطئة؟
إذا غضبت من غضبه وأسلوبه معها، وهل سكوتها تماما عند غضبه أمر خطأ؟ خاصة إذا كان الزوج غاضبُا جدًا؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ H.A حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يُسعدك في حياتك الأسرية، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولك السعادة والآمال.

قال أبو الدرداء ليلة بنائه بأهله: (إذا غضبتُ فرضِّني، وإذا غضبتِ رضَّيْتُك، وإلَّا لم نصطحب)، سعدنا جدًّا بهذا السؤال الذي تسأل فيه ابنتنا الفاضلة عن الطريقة التي تتعامل بها عند غضب الزوج، والإجابة من هدي النبي – عليه صلوات الله وسلامه – الذي يُعلِّمَ الغضبان ويُعلِّمَ مَن يكون إلى جِوار الغضبان، فنحن ننصح الزوجة إذا غضبت:
1. أن تتعوّذ بالله من الشيطان.
2. أن تذكر الرحمن.
3. أن تُمسك اللسان.
4. أن تُهدئ الأركان، بمعنى إذا كانت جالسة تتكأ، وإذا كانت واقفة تجلس.
5. أن تهجر المكان، تخرج من الحجرة التي فيها الغضب.
6. إذا كان الغضب شديدًا أن تتوضأ.
7. إذا كان الغضب شديدًا تُصلّي لله تبارك وتعالى.

أمَّا إذا كان الزوج هو الغاضب فنحن ننصحها:
1. أن تلزم الهدوء.
2. أن تُمسك لسانها.
3. أن تهجر المكان.
4. أن تجتهد في البُعد عن مكان الغضب، لأن هذا المكان – كما قلنا – فيه عدوّنا الشيطان.
5. أن تسكت حتى ولو كان الرجل هو المُخطئ، في كل الأحوال هي المخطئة أو هو المخطئ، من الحكمة أن تسكت عند الغضب؛ لأن الشيطان حاضر؛ ولأن الغضبان كالسكران؛ ولأن عواقب الغضب سيئة.

الغضب ركن من أركان الشر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لمن طلب الوصية: (لا تغضب)، قال له: زدني، قال: (لا تغضب)، قال: أوصني وزدني، قال: (لا تغضب). ولذلك عدَّ الإمام ابن القيم الغضب من أركان الشر، فعنه تتفرّع شرور كثيرة.

مرة أخرى: أكرر شكري على السؤال.

أمَّا قولك (حتى ولو كان مُخطئًا) ينبغي للزوجة أيضًا أن تسكت، وأن تلزم الهدوء، وأن تختار الوقت المناسب لمناقشته؛ لأن هذا ينسجم مع توجيه النبي عليه الصلاة والسلام في المرأة التي تأتي لزوجها الغاضب، سواء كان الخطأ منها أو كان هو المُخطئ، فتضع يدها في يده وتقول: (لا أذوق غِمضًا حتى ترضى)، وليس معنى ذلك أن تسكت إلى الأبد، ولكن نحن دائمًا نقول: "إذا غضبتِ من زوجك صباح الجمعة فصالحيه ظُهر الجمعة، ثم حاوريه يوم السبت"، يعني في وقت آخر مناسب، تبدأ تعرض ما أغضبها، وتعرض الوقف على زوجها، وعند ذلك يأتيها الاعتذار وتسمع ما تُحبُّ من زوجها، وهذا يُناسب طبيعة الرجل.

إذًا نحن نريدك – سواء كنت أنت المخطئة أن تبادري بالاعتذار، أو كان الرجل هو المُخطئ تحرصين على السكوت والانسحاب، ثم تبادرين بالاعتذار، ثم بعد ذلك تعرضي ما في نفسك من الألم، وعند ذلك تكون استجابة الزوج لك عالية ويعرف مقامك ومقدارك، ونؤكد لك أن ما بين الزوجين أكبر من كل الأمور التي تُغضبنا، أكبر من الأموال، أكبر من مشاكل هذه الدنيا، فالعلاقة الزوجية عبادة لربِّ البريّة، وخطأ الزوج لا يُقابل بالخطأ، كما أن خطأ الزوجة لا يُقابل بالخطأ، والسِّباق بين الزوجين في رضا الله تبارك وتعالى، وخيرُ الأزواج عند الله تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، ونكرر لك الشكر، ونرحب بك في موقعك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً