الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعبت من الخوف من الحسد ووسواس العين، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدأت قصتي مذ كنت صغيرا في الصف الثاني الإعدادي، كنت أسمع عن العين والحسد، كما أن أخي أصيب بالعين، فكنت خائفا جدا، والتزمت بأذكار الصباح والمعوذات دون الأذكار التي تكرر مئة مرة، وكنت كلما مدحني أحد خفت جدا وتعوذت بالله، لدرجة أني أصبحت أخاف خوفا شديدا حتى من كل أصدقائي، وأصبحت لا أكتفي بأذكار الصباح، وإنما أقولها بعد كل صلاة، حتى جاء موعد الامتحانات، وكنت حينها طالبا متفوق، لدرجة أن من ورائي وأمامي في الصف يغشون مني!

ولكن بعد الامتحانات جاءني وسواس قوي يقول: لقد حسدك الذي كان أمامك وخلفك، أنت محسود، لن تقدر أن تذاكر مرة أخرى، لقد حسدوك، ولازمني هذا 24 ساعة، ووسواس آخر يقول: لأنك لم تقل الأذكار التي تكرر مئة مرة، فالتزمت بها كل صباح ومساء، مما أصابني بالتعب والخوف الشديد حتى من أبي وأمي.

باختصار أنا أعيش في عذاب، وأصبحت أقدس الأذكار أكثر من الصلاة، ولم أعد أستطيع الدراسة بسبب ذلك الوسواس، فما الحل؟

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أيها -الولد المبارك- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:

إن العين حق، والحسد حق، ولذلك أمرنا الله تعالى أن نستعيذ به من شر حاسد إذا حسد {قل أعوذ برب الفلق) إلى قوله تعالى (ومن شر حاسد إذا حسد} وقال نبينا عليه الصلاة والسلام: (العين حق وإنها تودي بالرجل إلى القبر وبالجمل إلى القدر).

لا ينبغي للمسلم أن يشك بمن حوله في مسألة العين والحسد، ولا أن يستولي عليه هذا الهاجس، ويكفيه أن يتحصن بالأذكار صباحا ومساء، ولا يلتفت بعد ذلك إلى رؤية الناس؛ لأنهم لن يضروه بإذن الله؛ كونه قد تحصن من أعينهم وحسدهم.

لقد عرف الشيطان الرجيم نقطة ضعفك، فأتاك من خلالها وهي الخوف من العين والحسد، ولذلك لن يتركك إذا استسلمت له، وسيحول حياتك إلى جحيم لن تطيقه أبدا.

أوصيك باحتقار تلك الوساوس والإعراض عنها، وقطعها بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فور ورودها، مع القيام من المكان الذي أتتك وأنت فيه والذهاب إلى مكان آخر، والقيام بأي عمل نافع يلهيك عنها، هذا إذا لم يكن في قيامك حرج وإلا فيكفيك الاستعاذة واحتقار تلك الوساوس.

إذا نظرت لمن حولك لم تجد فيهم هذا الخوف والهلع، رغم أن بعضهم لا يقرأ الأذكار فكيف بك وأنت محافظ عليها؟ جميع الأذكار لن تأخذ منك أكثر من عشر دقائق، ولذلك أوصيك أن تنزل أذكار المسلم على هاتفك المحمول وتقرأها صباحا بعد صلاة الفجر وبعد صلاة الظهر أو العصر وإن ذهبت مكانا وخفت فقل: (أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ) وهذا يكفيك وعش حياتك وأنت مطمئن.

اجعل لنفسك وردا من القرآن الكريم وأقل ذلك جزء في اليوم، فإذا قرأت بعد كل صلاة ورقتين فسوف تختم الجزء عند صلاة العشاء بإذن الله تعالى؛ فتلاوة القرآن تجلب للنفس الطمأنينة، واجعل لسانك رطبا من ذكر الله، واجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، وصاحب الأخيار وابتعد عن الأشرار.

لا تتعامل مع الناس بسوء الظن؛ فليس كل أحد صاحب عين شريرة أو أنه حاسد، فهذا الصنف قليل، ومع هذا فيكفيك أذكار اليوم والليلة، ولا تنس أن تدعو ربك وأنت ساجد أن يصرف عنك أعين العائنين، وحسد الحاسدين، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.

أشغل نفسك بالتحصيل العلمي، وكن صاحب همة عالية، وامض في الترقي في سلم المعرفة متوكلا على الله، واختر لنفسك أفضل التخصصات فأمتك تنتظرك، ولكن الشيطان يريد أن يزرع العداوة بينك وبين زملائك، ولذلك وسوس لك أن من كان أمامك وخلفك من الطلاب في قاعة الامتحان قد حسدوك، والواقع أنك لست محسودا، فاحذر من هذه الوساوس وعالجها بما ذكرت لك سابقا.

نسعد أيها المبارك بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً