الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أغير من طبعي وسلوكي العدواني؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني بشدة من الجدية، حتى إنني لا أعرف كيف أندمج مع المجتمع، جديتي حتى مع أهلي كلهم.، أريد أن أتغير وأصبح أكثر مرونة في التعامل، لكن الأمر صعب، آخذ الكلام بعدائية دائما، ودائما جاهزة للمجادلة وهذا أمر متعب.

الكلام بالنسبة لي صعب لا أعرف كيف أنصح، أو كيف أتحدث وأوصل الفكرة بشكل مرغوب، دائما أصل لمبتغاي بطريقة يفهمها المستقبل بعدائية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Deema حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

أتفهم مشاعرك -يا ابنتي- وأحترم رغبتك في السعي من أجل تحسين تصرفاتك وتطوير شخصيتك للافضل، فهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أنك إنسانة ناضجة وواعية، وتملك المقومات للسير نحو الأفضل -إن شاء الله-.

ومن خلال رسالتك يبدو بأن لديك سمات الشخصية التي تبحث عن المثالية، لكنها لا تتقن التواصل بطريقة صحيحة مع الآخرين، ولا تحب الاعتراف بالخطأ، ولا تقبل بوجود الرأي الاخر، وهذا بالطبع يجعلها في صدام مع كل من يعارضها، ويجعلها غير قادرة على بناء علاقات اجتماعية، أو صداقات بعيدة المدى.

وأنصحك بالبدء بتحديد الطباع أو العادات التي تريدين تغيرها، وابدئي بتغيرها واحدة تلو الأخرى، وبشكل متدرج حسب أولوياتك، وإذا شعرت بأنك استطعت تغيير أول عادة اخترتيها، وتمكنت من استبدالها بعادة جديدة أفضل، هنا انتقلي لما بعدها، وأيضا حسب أولوياتك وهكذا.

وبالطبع إن التغيير الحقيقي سيأخذ منك وقتا طويلا بعض الشيء، لكن المردود الإيجابي عليك وعلى المحيطين بك يستحق ذلك -بإذن الله تعالى-.

مثال على ما سبق: حددي أول طبع أو عادة تريدن تغييرها، ثم قومي بوضع هدف يحفزك على هذا التغير مثلا: (أريد أن أغير من طبع المجادلة، وأن أتعلم أن أنصت وأستمع للرأي الآخر، فهذا سيكسبني صداقات كثيرة، ويجعلني إنسانة أفضل، وهو من تعاليم ديننا الحنيف، وسأحصل على أجر مضاعف -إن شاء الله تعالى-).

وسأضرب لك مثالا على كيفية فعل ذلك: مثلا إذا كنت تتحدثين مع والدتك في موضوع ما، واحتدت وخالفتك في الرأي، تمهلي في الرد، وخذي نفسا عميقا واخرجيه ببطْ مرتين أو ثلاثة، ثم تحدثي بلهجة ودودة ولبقة، وقولي لها: (أشكرك يا أمي على اهتمامك بي، فأنا أحبك وأحترم رأيك، وسآخذ وجهة نظرك بعين الاعتبار؛ لأن خبرتك في الحياة أكثر من خبرتي، لكنني فكرت في الأمر، ووجدت بأنني أميل إلى تجربة كذا وكذا)، ثم اذكري الأمر الذي تحبين فعله أو تجربته، لكن اتبعي كلامك بالقول: (وإن وجدت بأنني غير مرتاحة لذلك، فبكل تأكيد سأقوم بتجربة طريقتك).

دربي نفسك على مثل هذه الطريقة، وكلما نجحت في تطبيقها، أي في الاستماع للرأي الآخر والتحدث معه بلطف واحترام، قومي يتسجيل ذلك في دفتر على شكل جدول، وسجلي الوقت والمكان واسم الشخص، ثم ضعي بجانبه إشارة (صح)، وبعدها قومي بمكافأة نفسك على ذلك النجاح بشيء تحبينه، كتحضير كوب قهوة، أو مشاهدة برنامج تلفزيوني هادف، أو الخروج إلى الحديقة أو غير ذلك.

وهكذا كرري طريقة الحوار السابقة بلطف، ودربي نفسك على تقبل الرأي الآخر في كل موقف يواجهك داخل البيت أو خارجه، واستمري بوضع إشارة صح عند كل نجاح، وضعي الورقة في غرفتك في مكان يمكنك مشاهدته باستمرار وبسهولة، والمهم هو أن تنجحي في المحاولات الأولى؛ لأن هذا سيعطيك دفعة للأمام، وسيجلب لك نجاحات جديدة، ومع التكرار سيصبح لديك خط طويل من علامات الصح، وكلما نظرت إليه سيجعلك عازمة على الاستمرار في الطريقة ذاتها في التعامل، وعازمة على عدم تشويه هذا الخط الجميل من علامات الصح والذي يمثل نجاحك وقدرتك على التحكم في نفسك.

بعد ذلك يمكنك الانتقال إلى طبع أو عادة آخرى من الطباع أو العادات التي تريدين تغييرها، والأمر لا يحتاج إلا عزيمة ثابتة، وإرادة قوية، وكلي ثقة في أنك تملكينها.

أسأل الله -عز وجل- أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً