الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الشاب من خطيبته أن يرى شعرها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متحجبة، ومشكلتي تكمن في أن خطيبي يريد أن يرى شعري، علماً بأني قلت له مراراً أنه حرام لغير الزوج، لكنه يرفض هذا استناداً لما قرأه في هذا الصدد عن إمكانية أن يرى الخطيب شعر خطيبته.

والمشكلة الأخرى هي أنه يحلم أن يكون شعري مثل الحرير ويقول لي دائماً: إنه طالما حلم به، وأنا أخبرته أن شعري متوسط الطول والنوعية، أخاف أن يصدم إذا رآه بعد الزواج لأن خياله ليس مثل الحقيقة، أرجو إجابتي لأن الأمر يؤرقني كثيراً.

وفقكم الله للخير والإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فنسأل الله أن يقدّر لك الخير ويسدّد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، وبعد:
فإن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، ولا تُبيح للخاطب أن يخلو بمخطوبته أو يخرج معها، أو يتوسع في علاقاته معها، وما يفعله كثير من الشباب مخالفٌ لأحكام السنة والكتاب: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))[النور:63]، وإذا أراد الشاب أن يخطب فتاة فإن الشريعة تبيح له النظر إليها، وتدعوه لذلك؛ لأنه أحرى أن يؤدم بينهما، وفي ذلك حكم عظيمة، منها: أن يرى منها ما يدعوه لنكاحها، ومنها: أن النظر ضروري لإيجاد الألفة، فإن الأرواح جنودٌ مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، بل إن الشريعة أباحت للإنسان أن يدقق في نظره فينظر حتى العيوب التي قد لا تظهر لأول وهلة، وأخذوا ذلك من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (فإن في أعين الأنصار شيئاً)، ولكن كل هذا يتم في البداية، وإذا رغب الخاطب في رؤية شعر المخطوبة أمام محرم من محارمها فلا مانع في ذلك، ويجوز له أن يتحين غفلتها لينظر إليها، كما قال الصحابي (فكنت أختبئ لرؤيتها) وبعض الناس عنده حكمة، فإذا جاءه خاطبٌ لابنته أو أخته طلب منها أن تأتيه بالقهوه في مجلسه وهي تظن أنه وحده فيراها الخاطب، وهي في لباسها العادي مع محارمها، وينظر إلى وجهها وكعبها، فيستدل بالوجه على الجمال وبالكف على رطوبة البدن.

أما أن يتخذ الخاطب ذلك عادةً له فمرةً يريد أن ينظر إلى شعرها، ومرةً يريد أن ينظر إلى قدمها فذلك ما لا يُقبل، ونحن ننصح بالابتعاد عن مثل هذه الأحاديث والجلسات، ونطلب من هذا الشاب أن يجتهد في إعداد نفسه لإكمال مراسيم الزواج، وعند ذلك ينظر في زوجته إلى ما يريد.

وإذا فاز هذا الخاطب بفتاةٍ محجبة ومتدينة فماذا يُريد بعد ذلك؟
فإن جمال الظاهر عمره محدود، لكن السعادة تكمن في جمال الدين والخلق، ولن يجد رجل فتاة بلا عيوب، ولن تفوز فتاة برجل يخلو من العيوب، ولكن من الإنصاف أن نضع المحاسن إلى جوار المساوئ والسلبيات إلى جوار الإيجابيات، وعندها سوف نحمد الله على قلة السلبيات (وكفى بالمرء نُبلاً أن تعد معايبه).

ولا داعي للأرق والقلق، ولا تستجيبي لرغباته، واطلبي منه أن يعجل بإتمام مراسم الزواج، فإنه ليس من المصلحة استمرار هذا الوضع؛ لأن طول مدة الخطوبة يجلب الفتور في العلاقات العاطفية، ويهدد الحياة الزوجية بالشيخوخة المبكرة، ويدخل الضيق على أسرة الفتاة.
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • yassmine

    بارك الله فيكم و نفع بكم و جازاكم عنى خير الجزاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً