الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبتي تهتم بعملها أكثر مني، كيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا خاطب منذ 6 شهور، خطيبتي كانت جيدة جدا معي، تهتم وتسأل عني في جميع الأوقات، ومنذ منتصف رمضان تغير حالها؛ لأنها تعمل صيدلانية؛ حيث تهتم بشؤون الناس والمرضى، وهي -شهادة لله- ممتازة في عملها.

كنت أشجعها على الاستمرار والتألق، ولكن في الفترة الأخيرة أصبحت لا تهتم بي كالسابق، لا نتحدث ولا نجلس مع بعض، تغير الحال تماما، وعندما أتحدث معها تقول: الناس وكورونا، وأنها مشغولة بظروف الناس.

بالأمس اشتد الحديث بيننا، تقول إنها مشغولة وعليها ضغط، شعرت أن الناس وعملها أفضل مني؛ فأصبت بارتفاع ضغط الدم، ونخزة في قلبي.

أحبها حب الموت، وأسعى لها منذ 4 أعوام، ماذا أفعل لتهتم بي؟ والله يشهد أنني سند لها منذ 6 أشهر، وفي آخر شهر انقلب كل شيء، ماذا أفعل؟ سأموت من التفكير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ ahmed حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين مخطوبتك بالحلال، وأن يُؤلِّف القلوب ويُحقق لكم السعادة والآمال.

أولا: لا شك أن ظروف المرض تفرض واقعًا جديدًا، خاصَّة على ما يُسمَّى بالجيش الأبيض -وهم جمهور الأطباء والممرضين والصيادلة- فخطيبتك معذورة فيما تقول فيه، كما أن هذه الظروف ألقت بظلالها على كل العلاقات الاجتماعية، ولذلك أرجو ألَّا تُعطي الموضوع أكبر من حجمه، وكنا نتمنَّى أن تردَّ هذه المخطوبة بغير هذه الكلمات، ولكن أن تُدرك أن هذا هو الواقع الذي تغيّرتْ معه كثير من الأمور، ولا يخفى عليك حتى في المساجد أصبح المُصلّي لا يقف إلى جوار أخيه.

هناك تغيُّرات كبيرة أرجو أن تأخذها في الاعتبار، وإذا كانت مخطوبتك -كما أشرتَ- جيدة جدًّا، تهتمّ وتسأل في كل الأوقات -قبل مجيء هذه الجائحة أو قبل اشتداد الأزمة- فهذا دليل على أن هذا هو الأصل، كما أن تميُّزها في عملها بشهادتك يفرض عليها مزيدا من المجهودات التي يحتاجها الناس.

ولذلك أرجو ألَّا تُعطي الموضوع أكبر من حجمه، واجتهد في أن تُغيّر نمط التواصل، وقدّر هذا الظرف الذي تعيش فيه المخطوبة والناس، وأشغل نفسك بما يُصلح أحوالكم ويُهيئ لمستقبلكم، وأشغل نفسك بطاعة الله -تبارك وتعالى-، واجتهد في أن تُبادر أنت في السؤال عنها، واهتمّ بنجاحاتها فإن هذا أيضًا ممَّا يُسعدها، ونجاح المخطوبة من نجاحك، كما أن نجاحك رصيدٌ يُضافُ إليها.

ولذلك أتمنى أن تستوعب هذا المتغيّر الكبير الذي حدث في دنيا الناس فترك آثارًا كبيرة على حياتهم وعلى النظام الذي كانت تمشي عليه هذه الدنيا من أوّلها إلى آخرها، ونوصيك أولاً بالدعاء لنفسك ولمخطوبتك.

ثانيًا: تقدير هذا الظرف الذي تمرُّ به البشرية.

ثالثًا: إدراك أن النجاح في العمل أحيانًا يُفرض ضريبة عالية، واتكال الناس على المتميّز، والمجهود الذي يُنتظر منه يُصبح كبيرًا.

رابعًا: عليك أن تُدرك أن مساعدتها للناس فيها خير لك وللناس؛ لأنه (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)، وإذا كان الله في حاجتها فهذا بابٌ من أبواب السعادة يدخل عليكم.

نتمنَّى أن تتفهم أيضًا هذه المشاعر التي عندك، وأيضًا نتمنَّى أن تتفهم الظرف الذي تعيش فيه البشرية، وخاصّة الأطباء والصيادلة.

نسأل الله أن يرفع الغُمَّة عن الأُمّة، ونسأله تبارك وتعالى أن يُعيد بينكم الألفة والمحبة، وأن يرفع هذه البليّة عن البشرية، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً