الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهل لا يطيقونني بسبب عصبيتي المفرطة لأتفه الأسباب!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة في الثلاثين من عمري أعاني من عصبية مفرطة لأتفه الأسباب، ولدي مشكلة في الغدة الدرقية (أتعاطى دواء لعلاج خمول الغدة)، لدي جحوظ في عيني وخاصة عند الحديث، والكل بدأ يتحاشاني بسبب خوفهم من عيني البارزتين في الحديث.

دعوت الله أن يهديني ويحببني في خلقه، حتى أهلي لا يطيقونني، وعصبيتي الزائدة من مشاكل عائلية منذ الطفولة، والقسوة من الأهل، والآن بسبب الإجهاد من ممارسة أعباء الحياة، حيث إنني أقضي كل ما يلزم للبيت.

الرجاء نصحي، والدعاء لي بأن يهديني الله، ويذهب عني الغضب ويصلح حالي، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجاهدة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

قطعًا الناس تختلف في درجة تحمُّلها، والتعبير عن اندفاعاتها وانفعالاتها والوجدان الداخلي.

التفكير الإيجابي هو الذي يُخلّصنا من كلّ أفكارنا السلبية، فأرجو أن تكوني إيجابية، أنت في نعم -إن شاء الله تعالى-، ذكرتِ أن أعباء الحياة عليك، وأنك تقضي مشاوير البيت وأمور البيت، هذا أمرٌ عظيم ونشكرك عليه.

الإنسان حين يكون إيجابيًا ويكون له دور في الحياة هذا من أفضل الأشياء، والإنسان أصلاً يجب أن يكون نافعًا لنفسه ولغيره، بناء على هذا المبدأ أنا أعتقد أن هذا الشيء سوف يفيدك، فقط أنت مطالبة بحسن إدارة الوقت، لتستفيدي من وقتك على أفضل نهج (وقتٌ للراحة، ووقتٌ للعبادة، ووقتٌ لأعمال البيت، ووقتٌ للترفيه على النفس، ووقتٌ للرياضة) هكذا تكون الحياة، فأنا أعتقد أن الأمور قد اختلطت عليك وتشابكت من خلال عدم مقدرتك على حسن إدارة وقتك، فأرجو أن تحافظي على ذلك، والرياضة يجب أن تكون جزءًا من حياتك.

وأنا أنصحك ألَّا تكتمي، عبّري عن ذاتك، الاحتقانات الداخلية كثيرًا ما تؤدي إلى فورات غضب، والنفس لها محابس لا بد أن نفتحها في الخير، بأن نُعبّر عن ذواتنا أولاً بأول في حدود الذوق والأدب، خاصّة بالنسبة للأشياء التي لا تُرضينا. وعليك أن تُكثري من الاستغفار، وأن تُطبّقي ما ورد في السنّة النبوية حول كيفية إدارة الغضب، حين يعتريك شيء من الغضب وفي بداياته إذا كنت جالسة قفي وتحركي، وإذا كنت واقفة اجلسي، ابتعدي عن الموقف أو عن الشخص الذي يُغضبك، المهم هو أن تُغيري وضعك الجسدي، بعد ذلك اتفلي ثلاثًا على شقك الأيسر، هذا فيه انصراف كبير ويمتصّ الغضب.

حبذا لو قمت بالوضوء، حتى ولو لمرة واحدة، هنالك مَن جرَّب هذا العلاج النبوي واستفاد منه كثيرًا، وهنالك مَن ذكر لي أنه قد طبّقه مرة أو مرتين وبعد ذلك لم يحتج لتطبيقه، فقط حين يأتيه الغضب يتذكّر هذا الإرشاد النبوي العظيم، وهذا يُجهض الغضب تمامًا.

تذكّري أنك إذا غضبتِ أمام أحد أو في وجهه هذا أمرٌ ليس مستحسنًا، ولن تقبليه، والشيء الذي لا نقبله لأنفسنا يجب ألَّا نقبله لغيرنا.

حتى ترتاحي -إن شاء الله- وبصورة فاعلة تناولي أحد مضادات القلق ومُحسِّنات المزاج، هنالك دواء يُسمَّى علميًا (سيرترالين)، هو من الأدوية الطيبة والممتازة جدًّا، ابدئي في تناوله بجرعة نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، لأن الجرعة صغيرة جدًّا، والدواء سليم وغير إدماني، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية.

بعد انقضاء فترة الستة أشهر على هذه الجرعة اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم بعد ذلك اجعليها نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هنالك تمارين استرخائية من الضروري جدًّا أن تمارسيها وأن تُطبِّقيها، وفي اليوتيوب سوف تجدين العديد والكثير من هذه التمارين، أرجو أن تُطالعي ذلك وتطبقي هذه التمارين بصورة صحيحة بمعدل مرتين في اليوم على الأقل.

وكما ذكرتُ لك الرياضة مهمّة، مثل رياضة المشي مثلاً.

بالنسبة للغدة الدرقية: المتابعة مهمّة جدًّا مع الطبيب، وعلاج خمول الغدة سهل جدًّا وبسيط جدًّا، حيث إن عقار (ثيروكسين Thyroxin) يتم تناوله حسب مستوى هرمونات الغدة، ويمكن أن تقومي بهذا الفحص مرة كل ثلاثة أشهر، أو مرة كل ستة أشهر.

وجحوظ العينين يأتي مع زيادة نشاط الغدة الدرقية وليس مع عجزها، هذا الذي يحدث لك ربما يكون أمرًا طبيعيًّا أو ناتجًا من الغضب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات