الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحمي زوجتي وطفلتي من وسائل التواصل والفتن المنتشرة بالمجتمع؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزى الله القائمين على هذا الموقع خير الجزاء، والذي أعده من أكبر الوسائل التي تدعو إلى الله سبحانه وتعالى، وذلك بإقامة شرعة ونشر الفضيلة في المجتمع بالجمع بين العلم الكوني والعلم الشرعي، هذا فضل من الله يؤتيه من يشاء.

لدي مشورتان احترت كثيرا في طريقة التعامل معهما، وهما متعلقتان بالجانب الأسري والجانب التربوي.

المشورة الأولى: زوجتي حامل في شهرها السابع، وتحمل بين جنباتها فتاة – نرجو منكم الدعاء لها بالصلاح والإيمان والخلقة التامة -.

وهناك خواطر ترتسم في عقلي إلى حين مجيء هذه البنت إلى الدنيا، وتعايشها مع هذا الواقع المؤلم الذي تقام فيه الرذيلة وتوضع الفضيلة، وبث أعداء الإسلام في عقول الأجيال القادمة الخضوع والخنوع لهم من خلال وسائلهم الخبيثة، وأفكارهم المنحرفة التعيسة.

وهذا الذي يخيفني، حينما يذهب الأولاد إلى بيت جدهم وجدتهم، والسماح لهم باللهو في هذه الوسائل من هواتف وشاشات وقنوات، أو اطّلاعهم على أمور وعادات قد حذفت من القاموس في البيت، مما يثير المشاكل بيني وبينهم، فما هو نصحكم في مواجهة هذه التحديات، وما هو الصواب في التصرف في مثل هذه الأمور، وما هي الحصانة العامة من المفسدات الدينية والفكرية والأخلاقية في زمن كثرت فيه الملهيات وعم فيه البليات؟

المشورة الثانية: زوجتي تريد أن تُنزل تطبيقات وسائل التواصل (انستغرام، فيس بوك.. إلخ)، وأنا في ثقة تامة بزوجتي، إلا أني لا أثق في هذه الوسائل وما تبثه من أفكار هزيلة، وطرائف رذيلة، وقلوب على الحق ثقيلة.

فرأت أني متشدد في منعي لها، وأني لا أثق بها لمّا أخبرتني ما ستفعله من الأمور المباحة، والانتفاع منها إلى ذلك سبيلا، فقلت في نفسي لا بأس، ولكن بشريطة وضع ضوابط في استخدام هذه الوسائل يُمنع تجاوزها، فما هو إرشادكم -دام عطاؤكم- في وضع الضوابط التي تكون حصناً منيعاً من إضاعة الوقت والعمر فيما لا ينفع؟

وما هي البدائل التي يكون فيها الترفيه والتعليم والتطوير لفتاة متزوجة تجلس بمفردها في البيت وهي في ريعان شبابها، والتي تغنيها عن هذه البرامج مع معاناة في قطع الكهرباء؟

ما هي الكتب التي تخص الفتاة المسلمة في نشر الوعي الفكري والتربوي بما يناسب فكرها المبتدي؟ ونصائح عامة لمضي الحياة الزوجية بنجاح وسعادة ومرضاة لله عز وجل؟

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - أخي الكريم -، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
أسأل الله تعالى أن يوصل ابنتكم سالمة، وأن يقر عينيك وعيني أمها بها، وأن ينبتها نباتا حسنا إنه على كل شيء قدير.

أما عن الجانب التربوي في هذه الاستشارة فلا شك أن المجتمع المسلم لا يزال فيه الخير، ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم.

تربية الأبناء ذكورا وإناثا ليست بالأمر الهين، خاصة في مجتمع تكثر فيه المخالفات وتتهاون فيه بعض الأسر، ولا يعين المجتمع على التربية القويمة، ومع هنا فلا يعني أن على أرباب الأسر الرضوخ والاستسلام، بل يجب مدافعة تلك الوسائل التي وضعها أعداء الدين لمحاربة الفضيلة.

وتنشئة الولد تكون من أول ما يخرج من بطن أمه، بل من قبل ذلك باختيار الأم الصالحة، فالطفل حين تضعه أمه يبدأ بالصراخ والبكاء، فإن عود الطفل على أن تلبى طلباته بالبكاء فقد أساء الأبوان تربيته؛ لأنه يتخذ البكاء أسلوبا لنيل مآربه، فالواجب أن يعطى الحليب مثلا في الوقت المقرر، حتى لو بقي الطفل يبكي، أو أنه يبادر به قبل البكاء وهكذا.

التربية وغرس القيم لمن سبق فإن سبقتك الوسائل الأخرى كالقنوات الفضائية ومواقع التواصل فلن تستطيع انتشال الطفل، إلا أن يشاء الله، حتى لو أجبرته على الترك فإنه إن اختلى بها شاهدها.

لا ينبغي أن يمنع الطفل من الوسائل العصرية، بل يوجه للاستفادة من المفيد منها، وتنمى في نفسه الفضيلة والإيمان، فذلك كفيل أن يعصمه - بإذن الله - من الزلل.

يجب أن يعلم الطفل ما ينفعه وما يضره من خلال النقاش، لا من خلال الأمر والنهي، فهذا سينمي في نفسه التعرف على الخير والشر، ويجب أن يجاب على كل أسئلته مهما كانت؛ لأنه إن لم يجد جوابا عند والديه ذهب يبحث عن الجواب عند رفقائه أو في النت، وربما تغيرت قناعته إن وجد أجوبة خاطئة.

ينبغي أن يوفر للطفل الألعاب البديلة إن احتيج لاستعمال الطفل الهاتف مثلا أو الآيباد، فليكن موجها نحو القنوات النافعة، ويمكن أن يقنن الذهاب إلى بيت الأهل أو أن تكون المدة يسيرة.

وسائل التواصل الاجتماعي فيها الخير وفيها الشر وهي بحسب المستخدم، فيمكن أن تستخدم في هذا أو ذاك، ولا ينبغي أن يمنع الشخص من استخدامها، ولكن يوجه التوجيه الصحيح من أجل استخدامها، وأن يجعل لذلك أوقات بحيث لا تأخذ الوقت ولا تشغل عن الواجبات، والأصل في تعامل الزوجين الثقة بينهما، فلا بأس أن تسمح لزوجتك باستخدام بعض هذه البرامج.

الحاجز القوي المانع من الانحراف في استخدام هذه الوسائل هو الإيمان الذي يجعل العبد مراقبا لله تعالى، فأوصيك أن تجتهد في تقوية إيمانها من خلال وضع برنامج عملي تتعاونان فيه على ذلك.

هنالك قنوات وبرامج تعليمية ومحاضرات نافعة - ولله الحمد -، فوجهها لقضاء بعض الأوقات في هذه البرامج، وخاصة البرامج الأسرية، ويمكن كذلك قضاء شيء من الأوقات في قراءة الكتب الخاصة بفقه المرأة، وحبذا لو كانت القراءة منك وهي تسمع، وهنالك كتيبات كثيرة تخص المرأة في مواضيع مختلفة يمكنك البحث عنها في الشبكة.

لا تحلو الحياة بين الزوجين إلا بالإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى; وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً; وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً