الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مررت بضغوط عصبية ونفسية سببت لي خوفًا وقلقًا، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت أعيش عيشة مستقرة بفضل الله، أحافظ على أداء الصلاة في وقتها، فجأة مررت بضغوط نفسية وعصبية كبيرة جدا في العمل من أحد الأشخاص في العمل سببت لي عصبية وقلقا، ونصرني صاحب العمل عليه، ففرحت جدا؛ لأني كنت على حق، فرأتني زميلة في العمل وأنا مبسوط وفرحان، فقالت لي: لماذا أنت فرحان اليوم جدا؟ بعدها وفي نفس اليوم بالليل شعرت بألم في صدري، وتحت إبطي الأيسر، ألم شديد كأن سيخا من نار تحت ضلعي الأيسر تحت الإبط، وكأن القلب ليس مستقرا، وتزايد في دقات القلب، وارتفاع في الضغط.

ذهبت للمستشفى وعملت رسم قلب فكان -الحمد لله- سليما، وقال لي الدكتور هذا من العصبية، ولا بد أن تهدأ.

رجعت البيت، ولم أستطع النوم نهائيا، ذهبت لدكتور آخر، وجدت ضغط الدم مرتفعا، وعملت رسم قلب وتحليل أنزيمات القلب، -الحمد لله- كلها سليمة، وقال لي اعمل تحاليل كثيرة، كتبها لي، وأعطاني دواء للضغط؛ لأنه كان مرتفعًا جدا.

عملت إيكو ورسم قلب بالمجهود، وتحليل غدة درقية، ووظائف كبد وكلى وكليسترول أملاح في البول وأشعة على الصدر -الحمد لله- كلها طبيعية.

أنا الآن أشعر بقبضات ونغزات في صدري وألم أسفل إبطي الأيسر، وعندما تأتي لي هذه القبضات في الصدر وفي جنبي الأيسر أخاف جدا أن يكون من القلب، وأظل أوسوس أن يكون القلب به مرض، وأظل أتابع دقات القلب.

أصبحت أخاف باستمرار، ولا أعرف من ماذا، أحس أن مكروها سيحدث لي، وأعاني من صداع بأعلى رأسي، وفي كثير من الأوقات أشعر أن مخي مستغرب للأحداث التي تدور حولي.

عندي خوف فظيع، وقلق وتوتر، أحس أني سأموت، أعاني من صداع غالبًا.

أريد دواءً يجعلني هادئًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hamada حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيها الأخ الكريم: كل الذي حدث لك هو نوع من قلق المخاوف، وتجسّد ذلك بشكل واضح جدًّا في الأعراض الجسدية التي تحدثت عنها (النغز في الصدر، الآلام التي تحدثت عنها، الخوف من مرض القلب) كل الذي تحدثت عنه حقيقة يدلُّ على أنك تعاني من قلق المخاوف، وأدّى هذا إلى ما نسمِّيه بـ (الأعراض النفسوجسدية)، يعني أن الأعراض أعراض نفسية تشبه الأعراض العضوية، لكن سببها القلق وليست حقيقة عضويًّا، -الحمد لله- قلبك سليم، وفحوصاتك كلها ممتازة.

العلاج في مثل هذه الحالات هو أن يوقن الإنسان يقينًا قاطعًا أنه بخير، هذا مهمٌّ جدًّا، وأن تصرف انتباهك عن هذه الأعراض، بأن تشغل نفسك في أعمالك، في وظيفتك، في عبادتك، في التواصل الاجتماعي، القراءة، الاطلاع، ... إلخ، يعني: أن صرف النظر عن الأعراض مهمٌّ جدًّا.

وهنالك علاج مهمٌّ جدًّا في حالتك، وهو: ممارسة الرياضة، خاصة في مثل عمرك، عمرك فيه الكثير من الهشاشة النفسية، التغيرات التي تحدث بعامل السن تؤدي إلى اضطرابات في المزاج، فإذًا الرياضة سوف تكون أمرًا ممتازًا جدًّا في حياتك، تقوّي نفسك، وتقوّي جسدك، وتُشعرك بأنك بخير، فإذًا أرجو أن تهتمّ بهذا الجانب كثيرًا.

وأنت محتاج أيضًا لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، إنِ استطعت أن تقابل طبيبًا نفسيًّا سوف يكون هذا أمرًا جيدًا، وإن لم تستطع فهنالك دواء بسيط يُعرف علميًا باسم (سيرترالين)، هذا هو اسمه العلمي، وله عدة مسمّيات تجارية منها (زولفت) و(لسترال).

إذا لم تتمكن من الذهاب إلى الطبيب – كما ذكرتُ لك – يمكن أن تحصّل على هذا الدواء من الصيدلية، حيث إنه دواء سليم وغير إدماني، أحد آثاره الجانبية أنه ربما يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام، فأرجو الانتباه لذلك، وتجنب تناول السكريات والحلويات إن حدث لك زيادة في الشهية نحو الطعام.

جرعة السيرترالين المطلوبة لحالتك هي: أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة يوميًا – أي خمسين مليجرامًا – لمدة أسبوعين، ثم تجعل الجرعة حبتين يوميًا، تتناولها كجرعة واحدة، وهذه الجرعة تُعادل مائة مليجرام، تستمر عليها لمدة شهرين، ثم تجعل الجرعة حبة واحدة يوميًا، تستمر عليها أيضًا لمدة شهرين آخرين، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا دواء مفيد جدًّا، يُعالج القلق والمخاوف والتوترات، ويُحسِّن المزاج، وحتى الصداع -إن شاء الله تعالى- سوف يُساعدك هذا الدواء كثيرًا.

وأخيرًا: أنصحك أيضًا بشيء مهم، وهو: أن تُراجع طبيبًا واحدًا، مثلاً طبيب الباطنية – طبيب الرعاية الصحية الأولية، طبيب الأسرة – مثلاً مرة واحدة كل أربعة أشهر، وذلك لأجل إجراء الفحوصات العامة، يعني ثلاث مرات في السنة، وهذا ليس بكثير أبدًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً