الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتصرف الزوجة مع الزوج الزاني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريدكم أن تفيدوني في أمري.

أنا إنسانة متزوجة منذ 10 سنوات، وزوجي شخص زاني وخائن، ولا يريد التوبة، وليس له نية التوقف، لقد صبرت كثيرا، إلى أن نقل لي العديد من الأمراض الجنسية، يصرف علي وعلى أولاده لكن يسيء معاملتي، خاصة إذا ما فاتحته في الموضوع، في نظره هو بما أنه يعاملني جيدا فيجب علي تقبل الأمر!

ما نظرة الشرع في هذه الحالة؟ أريد الطلاق، ولقد استخرت وأريد رأي الإسلام في الزوجة الصابرة على الزاني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نادين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

فلا شك أنك مأجورة على صبرك على زوجك وحرصك على بيتك ألا ينهدم، نسأل الله تعالى لك الأجر والمثوبة.

إنني أحس بالألم والحرقة التي تجدينها في نفسك جراء تصرفات زوجك، فالله عز وجل رزقه الحلال فذهب يلهث وراء الحرام والعياذ بالله تعالى.

الزنا محرم، وتشتد حرمته حين يكون الرجل متزوجا، ولذلك فإن عقوبة الزاني المتزوج الرجم كما لا يخفى عليك.

عليك أن تتحيني الوقت المناسب للحوار مع زوجك حول هذه القضية، فتذكريه بالله سبحانه وتخوفيه من عقوبته في الدنيا والآخرة، ومن أشد العقوبات في الدنيا أن يصيبه بمرض الإيدز والعياذ بالله تعالى، وأما في الآخرة فما أخبر به صلى الله عليه وسلم- بقوله : "رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني الأرض المقدسة فذكر الحديث إلى أن قال: فانطلقنا على مثل التنور، فإذا فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا" وفي آخر الحديث: "وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني".

لا بأس أن تهدديه بطلب الطلاق أو الخلع في حال امتناعه عن ذلك فلربما انزجر عن ذلك.

حثيه على أداء ما افترض الله عليه من العبادات، وخاصة الصلاة؛ فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وحثيه على الأعمال الصالحة كتلاوة القرآن الكريم، واستماعه، فلربما لان قلبه وخاف من ربه.

اجتهدي في إبعاده عن رفقاء السوء، فإن لهم دورا كبيرا في هذا الجانب وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) ويقول عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ويقال في المثل: الصاحب ساحب.

إن استطعت عن طريق أزواج صديقاتك الصالحين أن تطلبي منهم أن يصادقوه، ويؤثروا عليه، ويأخذوا بيده فهذا شيء طيب فلربما كتب الله هدايته على يدي بعضهم.

تضرعي بالدعاء ين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي ربك أن يلهمه الرشد، وأن يمن عليه بالتوبة النصوح، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح؛ فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

لا بأس أن تهدديه بأنك ستخبرين والده أو أمه إن كان يخاف من ذلك؛ فبعض الناس ينفع معهم مثل هذا الأسلوب، وهذا بالطبع إن رأيت أن النتيجة ستكون إيجابية أما إن كانت النتيجة سلبية فلا.

عليك أن تخبريه أنك غير قادرة على تحمل الأمراض التي ينقلها لك، وأنه إن لم يقلع عن الزنا فإنك ستمتنعين عن معاشرته، فالقاعدة الشرعية تقول: (لا ضرر ولا ضرار).

عليك أن تمنحيه فرصة كافية لعله يتوب، فإن أصر على البقاء على ما هو عليه فاستخيري الله تعالى في أمر الطلاق، فإن وقر في نفسك مفارقته فاطلبي الطلاق، فإن رفض فاخلعيه عن طريق المحكمة، فلا خير في البقاء مع رجل زان، وسيعوضك الله خيرا كما ورد في الحديث: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب ن.و

    شكرا ،جزاكم الله خيرا،لقد استفدت انا الاخرى من نصائحكم القيمة رغم أني لست السائلة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً