الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الضرب والاستهزاء من والديّ حتى بعد تخرجي من الجامعة!

السؤال

السلام عليكم.

عندي مشكلة جد كبيرة، ولم أجد لها أي حل..
المشكلة هي أهلي، طوال حياتي يتحكمون بقراراتي، بأفكاري يريدون مني أن أكون نسخة عنهم.

والمشكلة لو حاولت طرح رأيي عليهم أتلقى الضرب من الوالد هداه الله، وحتى أمي تستهزئ بي في كل شيء، أقوم به، حتى على هواياتي على كل شيء أقوم به، من هذه الهوايات اليوتيوب، وخاصة قناة مخصصة للألعاب، فكل ما نظرت إلي تستهزئ بي استهزاء لا يطاق لدرجة أن أمي دعت عليّ؛ لأني من جماعة اليوتيوبر الذين يطمحون أن يكونوا مستقلين بدخلهم من اليوتيوب، وأقسم أن محتواي ليس بفاضح، أنا أعرض فيه بعض المشاكل والأمور التي يجب أن تتغير في الألعاب وهكذا.

أدري أن هنالك فجوة ثقافية عند بعض الأهل، لكن كل ما أنظر لليوتيوبرز لآخرين من نفس مجالي، ولما يقولونه من أن الداعم الأول لهم هم أهلهم، وقد أعطوهم دفعة إيجابية للاستمرار، وأنهم يقوموا بهواياتهم..

هذا يجعلني أحزن وأقول لماذا أهلي يتعاملون معي بهذا السوء من دعوة علي، وضرب في بعض الأحيان، والمصيبة الأكبر أني شخص متعلم وخريج من كلية الصيدلة، وكثيرا ما يتعاملون معي كأني أسوء شخص على وجه الأرض.

الشيء زاد عن حده، بصراحة كنت أتحمل في الصغر الضرب المستمر في بعض الأحيان بدون سبب، أما الآن لا أستطيع، تدمرت نفسيتي أصبحت أبكي باستمرار بسبب كلامهم، وأفعالهم ضدي، وحتى لو أصابتني مشكلة، وقالوا لي ما بك يا ولدي، وأنا كالأحمق أظن أنهم سيخففون عني إلا وأجد الاستهزاء والشماتات من أهلي.
بصراحة لا أدري ماذا أفعل؟

أتمنى أن تساعدني، بارك الله فيك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ابننا الفاضل – ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونؤكد لك أننا لك في مقام الآباء، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك التوفيق، وأن يكتب لك السعادة والهناء.

نحن لا نرضى أن يتحكّم الآباء والأمهات في قرارات أبنائهم والبنات، ولا نرضى لقرارات الأبناء والبنات أن تكون خارجة عن إطار القيم والمعاني الجميلة التي جاء بها الدين العظيم.

أرجو أن تُركز على هذه الموازنة التي بدأنا بها الإجابة، ونشكر لك حرصك على أن يكون ما تعرضه أو ما تميل إلى العمل فيه ليس فيه ما يُذمُّ من الناحية الشرعية، وأحبُّ أن أؤكد لك أيضًا أن الإنسان ينبغي أن يختار أجود المجالات التي تُعينه على النجاح في هذه الحياة، وجودة العمل دائمًا بمقدار ما فيه من إطاعة وإرضاء لله تبارك وتعالى.

كنّا نتمنَّى لو تواصل الآباء والأمهات معنا حتى نعرف، ونسمع وجهة نظرهم، ولكنّنا ندعوك دائمًا إلى البر بهم والصبر عليهم والقُرب منهم، مع أننا نُكرر رفضنا لما يحصل منهم من اعتبارك صغيرًا أو استخدام الضرب معك، كلُّ ذلك لا يمكن أن يُقبل ولا ننصح به، بل هذه مرحلة ينبغي أن تقترب من والديك وتكونون كالأصدقاء وتتشاورون فيما بينكم، وبعد ذلك هذه الخيارات التي تريد أن تعمل فيها لا بد أن تُوزن بميزان الشرع، فالتعامل مع مواقع التواصل وهذه البرامج أو اليوتيوب أو ... يعني: هذه الأشياء ما ينبغي أن تكون على حساب ديننا ولا على حساب صلاتنا، ولا على حساب برِّنا بوالدينا، ولا على حساب أي واجب من الواجبات الشرعية.

كذلك أيضًا ينبغي أن نكون في هذا العمل منضبطين بقواعد وضوابط الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

وينبغي كذلك أن نختار في الأعمال أجودها، وأعلاها وأكثرها فائدة.

نكرر لكم الشكر، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم بتذكّر المهمة التي خلقنا الله لأجلها، {وما خلقت الجن والإنس إلَّا ليعبدونِ}، ثم عليك أن تعلم أن التقنية التي نستخدمها تحتاج إلى تقنين في أوقاتها وفي محتواها، ونسأل الله لنا ولكم الخير دائمًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً