الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تدهورت حالتي بعد النجاح والتفوق فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزى الله القائمين على هذا الموقع خيرا لما يخففون به من أعباء الناس:

أنا فتاة عمري ٢٢عاما، حياتي متدهورة جدا؛ نتيجة لتدهور مستواي الدراسي، ففي المرحلة الابتدائية كنت متفوقة جدا، وأدرس كثيرا لدرجة المبالغة، وكنت من الأوائل، وفي المرحلة الثانوية قل اهتمامي وأحرزت درجات متواضعة، وامتحنت امتحان الشهادة الثانوية ثلاث مرات حتى أحرزت درجة أهلتني لدخول كلية الطب، وكل هذا بسبب التراخي والكسل، وعدم الجدية في الدراسة، ولأن شخصيتي ضعيفة جدا فلم أكن أستطع التواصل بفعالية مع الناس، ولا زلت فلم أكن أسأل الأساتذة عما استصعب علي ولذلك ضعت.

في الابتدائية كان لدي أصدقاء لأنني كنت أساعدهم في الواجبات، والآن أنا في الجامعة، وحالتي الدراسية متدهورة، ورسبت في عدة مواد، ولا أستطيع التواصل مع زميلاتي، لأنني بليدة، وأصبحت غير مبالية بشيء، اختفت روحي المجتهدة المثابرة، وأصبحت لا أصبر على الدراسة، وأعاني من صعوبة التركيز، والتشتت بسهولة، وضعف في السمع، وفحصت ولم يكن هناك سبب طبي.

أنا أحاول دائما أن أنهض لأن هذا الفشل لا يؤذيني وحدي بل يؤذي والدي، وأكره أن أكون مصدر قلق للآخرين، ولكني سئمت من المحاولة، أقع دائما ولا أنتبه إلا بعد مدة طويلة، مثلا أمس قررت أن أدرس بعد ٨ أشهر من الإهمال، فقرأت صفحة وغادرت إلى التلفاز والهاتف، والأكل والنوم، واستيقظت والآن أريد أن أبدأ من جديد، ولكني سئمت الفشل المتكرر، لا تكن لطيفا معي أوسعني ضربا إن استطعت بكلماتك فأنا أستحق ذلك، بدأت أشك أن هناك سحرا أو عيبا عقليا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روعة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وتعوذي بالله من العجز والكسل، واستعيني بالله، واطلبي دعاء الوالدين، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

حقيقة نحن نريد أن نؤكد لك أن مَن كانت متفوقة في الابتدائي ومَن هي حريصة واضطرت إلى كتابة هذا السؤال؛ كلُّ ذلك يدلُّ على أنها يمكن أن تبلغ العافية، فنسأل الله أن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يُعينك على الخير، ونوصيك أولاً بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.

ثانيًا: تعوذي بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط والكسل نقصٌ في التنفيذ.

ثالثًا: حافظي على أذكار الصباح والمساء، وكذلك أيضًا عليك بالرقية الشرعية، فإن الأمر يحتاج إلى رقية شرعية، والرقية الشرعية هي عبارة عن دعاء، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

كذلك أيضًا أنت بحاجة إلى أن تُرتبي جدولا للمذاكرة، وبحاجة إلى أن تكوني مع صديقات مُجدات صالحات حريصات على النجاح. أنت بحاجة أيضًا إلى أن تنظري إلى عواقب الأمور ومآلاتها، فإن الفشل المتكرر ستكون له نهاية، الإنسان قد يُحرم من الجامعة أو إكمال الدراسة، وأسعدنا أنك تشعري أن الوالد والوالدة يتألموا لهذا التأخُّر الذي يحدث، والإنسان إذا شعر أن ثمّة أمر يُضايق والديه فإن أوّل ما نطالب به هو أن يجتهد، ويحرص جدًّا على المجيء بالأمور التي تُسعدهم وتسرهم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير.

ومسألة الفحوصات الطبية وعدم اتضاح أن هناك سبب طبي لعدم السمع يدل على أن هناك جانب نفسي، يعني أنت في حاجة أيضًا إلى أن تطرقي هذا الجانب، ولا مانع من أن تجلسي مع طبيبة نفسية، ولا أقصد استخدام الأدوية والعقاقير، ولكن من أجل أن تُصحح عندك بعض المفاهيم، وتعالجك علاجًا سلوكيًا، بالمناقشة وباستخراج ما عندك من إيجابيات، حتى تبدئي حياتك بأملٍ جديدٍ وبثقةٍ في ربِّنا المجيد.

أرجو أن تعلمي أن هذا الفشل الذي تقولين أنه متكرر ينبغي أن تخرجي منه، لأنك ولله الحمد لله قادرة على النجاح، قادرة على أن تحققي ما يُسعد الوالدين ويُسعدك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق، وأرجو أن تنفضي عنك غبار الكسل، ولا تقولي (لو كان كذا لكان كذا) ولكن قولي (قدر الله وما شاء فعل) فإن (لو) تفتح عمل الشيطان، والشيطان همُّه أن يُحزن أهل الإيمان، والشيطان همّه أن يرجع بنا إلى الوراء لنظل حبيسين في الماضي دون أن ننظر للمستقبل، فانظري إلى المستقبل بأمل جديد، ولكن اعلمي أن هذا الأمل يتحقق بالعمل، ونسأل الله أن يوفقك ويزيدك من فضله.

شكرًا لك على التواصل، ونتمنى أن نسمع خيرًا، تُغيري هذا الكسل إلى نشاط، وأن تضعي جدولاً واضحًا جدًّا، وتبدئي، ولا تسوفي، فإن الأيام تمضي، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً