الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الاستغراق في النوم أثناء التفكير يعتبر مشكلة صحية خطيرة؟

السؤال

السلام عليكم
شكر الله جهودكم، وبارك فيكم

مشكلتي مع الأرق بدأت منذ شهر رمضان حينما لم أنم لليلتين بشكل جيد، وخفت منذ تلك اللحظة أن تتكرر معي هذه المشكلة، وهذا ما حصل.

صرت في حلقة مفرغة، قلق من قلة النوم، وأرق ثم قلق، يخف تارة ويشتد تارة أخرى.

صرت أبحث عن الحلول في الأنترنت مما زاد قلقي؛ فقرأت عن الأدوية ما جعلني أقلق أكثر، خوفا من آثارها الجانبية، خصوصا أنني مقبل على الزواج -إن شاء الله-.

زرت عدداً من الأطباء ولم أقتنع بالعلاج الدوائي، منهم من وصف لي بالترتيب: فلوكسيتين مع ميديزابين تريزان (باروكسيتين) مع أنكسيول.

آخر زيارة وصفت لي الطبيبة أتراكس لمدة شهر، ولم أستعمل أي دواء إلى الآن، منذ شهرين كان نومي متقطعا، ويصل لـ 6 7 إلى 8 ساعات، ولكني نفسيا كنت مرتاحا، لكني مؤخرا صار نومي غريبا، أنام ساعة إلى ثلاث ساعات ثم أستيقظ، وأعود للنوم لكن عقلي يبقى مستيقظا، وأحس وأشعر بالنوم، وكذلك بالأحلام الغير منتظمة.

أسئلتي هي:
1 هل يمكن علاج القلق والأرق دون اللجوء للأدوية؟
2 هل النوم والعقل يشتغل يعتبر مشكلة صحية خطيرة؟
3 هل خوفي من الدواء مبالغ فيه؟
4 هل هناك دواء لا يؤثر على الجانب الجنسي؟ لأنني قرأت عن بعض الأدوية من مثبطات استرجاع السيروتونين، وعلاقتها بالضعف الجنسي.

5 قرأت عن دواء ريمارون، وأنكم تنصحون به لكنه غير موجود ببلدي، فهل هناك بديل له؟ وهل يمكنني علاج المشكلة سلوكيا؟ لأنني جربت كل نصائحكم.

بارك الله فيكم، ونفع بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زكريا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

بصفة عامة في الحياة الخوف من الفشل في كل شيء يؤدي إلى الفشل، فأنت كما تفضلت لديك قلق حول النوم، لديك قلق أنك لن تستطيع أن تنام، وهذا أعتقد هو الذي ولَّد المشكلة الأساسية لديك، حدث لك ما نسميه بالقلق التوقعي.

أنا أؤكد لك أن النوم حاجة بيولوجية، لكن طبعًا يجب أن نُهيأ لها الظروف لننام نومًا هانئًا وسعيدًا.

أريدك من اليوم أن تبني فكرة راسخة بأنك سوف تنام، وأن النوم حاجة بيولوجية وطبيعية، لكن تسعى لتمهد له الظروف الصحيحة، والظروف الصحيحة كما ذكرت أنت مُدركٌ لهذه النصائح، لكن لا بد أن أذكرها مرة أخرى:
أولاً: يجب أن تثبت وقت النوم، التذبذب في الذهاب إلى الفراش أمرٌ خاطئ، الإنسان له ساعة بيولوجية، يمكن أن يُديرها بصورة صحيحة إذا ثبت وقت النوم، هذا مهمٌّ جدًّا.

النقطة الثانية: يجب أن تتجنب النوم النهاري.

النقطة الثالثة: يجب أن تمارس رياضة في وقت النهار، لا في وقت الليل.

النقطة الرابعة: يجب أن تطبق تمارين الاسترخاء كما وصفت علمية، وهنالك برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

من المهم جدًّا أن تلجأ للتأمُّل الإيجابي قبل النوم، تقرأ شيئًا من القرآن، سورة الملك، بعد ذلك تقرأ أذكار النوم، وتطبق تمارين الاسترخاء قبل النوم.

تجنّب تمامًا تناول الموقظات كالشاي والقهوة والبيبسي والكولا بعد الساعة الخامسة مساءً.

هذه هي أساسيات مهمّة وضرورية جدًّا في تحسين الصحة النومية.

أمَّا بالنسبة للأدوية أخي الكريم: فأنا أرى أن عقار (ميرتازبين Mirtazapine) والذي يُسمَّى تجاريًا (ريميرون Remeron) دواء ممتاز جدًّا، لكن ذكرتَ أنه غير متواجد في بلادكم، وهذا شيء مستغرب، أنا أعتقد أنه موجود، يمكن أن تسأل عنه تحت مسماه العلمي (ميرتازبين) قد تجده تحت مسمى تجاري آخر، وأنت تحتاج له بجرعة نصف حبة فقط (15 مليجرام) ليلاً ساعة قبل النوم، علمًا بأن هذا الدواء غير إدماني، غير تعودي، ليس له أي ضرر حول الأداء الجنسي، فقط مشكلته الوحيدة أنه ربما يفتح الشهية نحو الطعام قليلاً، لكن بجرعة 15 مليجرام هذه لا أعتقد أن ذلك سوف يحدث لك أخي الكريم.

ابحث عن الريميرون تحت مسماه العلمي (ميرتازبين)، وإن لم تجده هنالك عقار آخر يُسمَّى (ترازودون Trazodone) هذا من الأدوية القديمة نسبيًّا، لكنّه ممتاز، وهو في الأصل مضاد للاكتئاب، وليس له أثر سلبي على الأداء الجنسي، على العكس تمامًا يُقال أنه له أثر إيجابي على الأداء الجنسي.

جرعة الترازودون تبدأ بخمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوع، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً ساعة قبل النوم، يمكن أن تتناوله لمدة ستة أو سبعة أشهر أو أكثر من ذلك، لا توجد أي إشكالية في ذلك.

أخي: هنالك بعض الناس يستفيدون من الـ (ميلاتونين Melatonin)، وهو المركب الطبيعي الذي يحتاجه الإنسان للنوم، الذي تفرزه غدة (Pineal)، فيمكن أن تجرب الميلاتونين أيضًا بجرعة خمسة مليجرام يوميًا.

أمَّا بالنسبة لأسئلتك: هل يمكن علاج القلق والأرق دون اللجوء للأدوية؟
طبعًا ممكن حقيقة، أنا ذكرتُ لك هذه الأشياء المطلوبة: الرياضة، التفكير الإيجابي، تجنب النوم النهاري، تمارين الاسترخاء، تثبيت وقت النوم، هذه كلها – أخي الكريم – طرق مفيدة جدًّا، لكن لماذا لا يتم استعمال الأدوية كعامل مساعد ما دامت الأدوية أدوية سليمة وفاعلة؟

سؤالك: هل النوم والعقل شغال تعتبر مشكلة صحية خطيرة؟
لا، هي ليست مشكلة خطيرة، العقل أصلاً سيكون شغالًا، لكن قطعًا بعد أن يدخل الإنسان في النوم الطريقة التي يعمل بها تكون مختلفة تمامًا.

سؤالك: هل الخوف من الأدوية مبالغ فيه؟
ربما يكون ذلك، لكن لست أنت الشخص الوحيد، هنالك مفاهيم خاطئة عن الأدوية.

الدواء الذي وصفته لك لا يؤثر على الأداء الجنسي، وقد أفدتك حول الريميرون، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً