الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الاختناق عند النوم، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب في الـ ٢٠ من عمري، في أحد الأيام -منذ أربعة أشهر تقريبا- عندما أريد النوم وأكون بين الغفوة والصحوة يأتيني شعور بأني إذا غفوت سوف أختنق، كانت خفيفة ولم أبال بها حتى أتى اليوم الثالث وزادت فيه، ثم فزعت وتوترت، فهدأت نفسي وعدت للنوم، لكن أتتني دوخة أفزعتني جدا وتوترت، وبقيت متوترا جدا، ثم تكلمت مع صديقي فهدأت، ثم أصبحت تأتيني كل ليل وأنتظر حتى تذهب.

بعدها أصبحت تراودني في النهار وفي أوقات غير معلومة، فأحيانا أكون جالسا مع رفاقي ويأتيني فجأة شعور التوتر الشديد وأبدأ بالبحث عن الانترنت عن ذلك المرض النفسي أو ذاك بالتزامن مع دقات قلب وتوتر ورجفة في اليدين، ثم تهدأ بعد الكلام، أحيانا تأتي مصحوبة بأفكار أنني ساجن أو أمرض نفسيا من هذه الحالة، أو أنني مصاب بالفصام، وأتوتر حتى أنقد تلك الأفكار ثم أهدأ.

من خلال ملاحظتي لها أشعر أنها أحيانا تتحفز لوحدها وتارة أخرة تحفزها أمور كالأمراض النفسية والسماع بها؛ فذهبت إلى الطبيب النفسي بعد مشورة طبيب الأعصاب، وشخصني باضطراب قلق، وأعطاني فلوكسين، وأعطاني موعدا بعد شهرين، فبدأت أبحث في الانترنت عن اضطرابات القلق، حتى علمت أنه من مضاعفاته الانتحار، ففزعت كثيرا من أن تصيبني أفكار انتحارية، أو أن أصل إلى مرحلة من المشاعر لا أستطيع التحكم بها لتدفعني إلى هذا الفعل.

عندما تصيبني هذه الحالة أشعر أنني سوف أنتحر، ولكن أتوتر ويخطر ببالي أن أقفل الغرفة على نفسي لأحميها من شيء كهذا، أخاف أن يتم تشخيصي خطأ أو حتى قراءة تعليقات المصابين به وتفزعني فكرة أني لن أشف!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

استشارتك واضحة جدًّا – أيها الفاضل الكريم – والأعراض التي تأتيك هي أعراض قلق نفسي حادّ، تتخلله بعض نوبات الفزع أو الهرع، وهي التي من خلالها تحس بالتوتر المفاجئ وتسارع ضربات القلب، هذه نسميها بنوبات الفزع أو الهرع، وهي نوع من القلق النفسي الحاد والمكثف، لكنه -إن شاء الله تعالى- عابر وليس خطيرًا.

أمَّا أفكارك بأنك سوف تجنّ أو تُصاب بمرض نفسي أو أنك مُصابٌ بالفصام وشيء من هذا القبيل: هذه أفكار وسواسية، وهذه ليست حقيقة أبدًا. كثير من الإخوة الذين يُعانون من نوبات الهرع والفزع - والقلق النفسي بصفة عامة – تأتيهم الكثير من المخاوف والأفكار الوسواسية، وهذا كلُّه ينتج عنه نوع من العُسْر المزاجي وليس الاكتئاب النفسي.

حالتك حالة بسيطة جدًّا – أيها الفاضل الكريم – لن تنتحر أبدًا -إن شاء الله تعالى-، فأنت شاب، ومسلم، وأمامك إن شاء الله تعالى مستقبل ناضر، والحياة طيبة جدًّا، وليس كلها صعوبات، بل فيها خير كما أن فيها ما هو ضدُّ ذلك، قال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا تُرجعون}.

حالتك تُعالج مائة بالمائة – أخي الكريم – . أنا أريدك حقيقة أن تُعالج نفسك سلوكيًّا بجانب العلاج الدوائي. العلاج السلوكي يتطلب أن تُنظم وقتك، أن تكون لك آمال وتطلُّعات، أن تجعل لحياتك معنىً، أن تحرص على النوم الليلي المبكّر، وهذه أفضل بداية لحسن إدارة الوقت، وتبدأ أنشطتك بعد صلاة الفجر.

ولا بد للرياضة أن تكون جزءًا من حياتك، أي نوع من الرياضة، المشي، الجري، السباحة، كرة القدم، كل ما هو متوفر من رياضة يجب أن تعطيه أهمية؛ لأن الرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأجسام، الرياضة تجعل القلق السلبي والمحتقن قلقًا إيجابيًا نستفيد منه، لأننا نحتاج لأن نقلق، الذي لا يقلق لا ينجح أبدًا، لكن القلق إذا أصبح مُحتقنًا أو متفاعلاً بصفة سلبية ولم نفتح للنفس منافذها ومحابسها يتحول القلق إلى توترات شديدة، والرياضة هي أحد المتنفسات العظيمة، هكذا أثبت العلم أيها الفاضل الكريم.

أرجوك ألَّا تتحدث عن هذه الأفكار الانتحارية، الحياة طيبة، ما الذي يجعلك تفكر بهذه الكيفية؟ كما ذكرتُ لك الحياة فيها الشر والخير، وليست على وتيرة واحدة، بل هي جُبلت على كدرٍ ونحن نريدها صفوًا من الأكدار والأقذاء، متطلب في الماء جذوة نارٍ.

اجتهد إن كنت في محيط الدراسة حتى تكون من المتميزين، وإن كنت في محيط العمل أيضًا يجب أن تجتهد، عليك بالصدقات الطيبة الجميلة، والواعية، كن بارًّا بوالديك...؛ هذا كله فيه تحفيز كبير لك إن شاء الله تعالى.

نحن دائمًا ننصح أيضًا بممارسة تمارين الاسترخاء، (تمارين التنفس المتدرّجة، تمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها)، هذه التمارين مفيدة جدًّا، يا حبذا لو قام الأخصائي النفسي الذي يعمل مع الطبيب النفسي بتدريبك عليها، وإن كان ذلك غير ممكن فيمكنك أن تتطلع على كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء من خلال الاطلاع على أحد برامج الاسترخاء الموجودة على اليوتيوب؛ فهي مفيدة جدًّا، وجميلة جدًّا.

هذه هي نصائحي لك، أمَّا الدواء فالـ (بروزاك) دواء جيد، وهو الـ (فلوكستين)، لكنّه يحتاج لشيء من الوقت حتى يتم البناء الكيميائي له، فاصبر عليه، وربما تحتاج لأربعين مليجرامًا منه، هو دواء ممتاز، وإذا حدث أنك لم تتحسَّن عليه بعد شهر من تناوله فأعتقد أنك يمكن أن تنتقل لعقار آخر، والدواء المفضّل يُسمَّى علميًا (استالوبرام) واسمه التجاري (سبرالكس)، لكن لا تستعجل أبدًا في التغيير، فالفلوكستين أيضًا دواء رائع جدًّا.

التشخيص تشخيص صحيح، وإن شاء الله تعالى العلاج صحيح، وإن شاء الله أنت سوف تنتهج الطريق الصحيح، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً