الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الوسواس أصبحت أراقب تصرفاتي وانفعالاتي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا طالب طب مقيم في الأردن، مشكلتي هي أني أصبت بوسواس قهري منذ سنتين، وأراقب أفعالا وردود جسمي الطبيعية مثل تعابير الوجه، وأقول لنفسي طالما أنا واعٍ بهذه التعابير فهي ليست طبيعية وإنما مصطنعة، وأكون في حيرة من أمري بخصوص هل هذه الأفعال إرادية أو لا إرادية، وعندما أندمج بالنقاش مع أحد وتبدأ التعابير تظهر أنسى النقاش وأركز في تعابيري، وكذلك عند الدراسة.

ما العلاج السلوكي المناسب في هذه الحالة؟

لم أذهب لطبيب نفسي إلا منذ فترة قليلة بسبب أن الوساوس عادت مع اكتئاب شديد، وقد شخّص الطبيب أن حالتي هي OCD أو وسواس قهري، وصرف لي دواء سيرترالين، وأشعر أن الاكتئاب ذهب، ولكن لا زلت أراقب نفسي كما ذكرت سابقا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

بالفعل من وصفك أستطيع أن أقول أن ما ذكره لك الطبيب صحيح، لديك بعض الطقوس الوسواسية القهرية، وهي قائمة على فكر وسواسي، والوساوس يجب أن يُحقّرها الإنسان في بداياتها، لا تخوض فيها أبدًا، لا تناقشها، لا تُحلِّلها، لا تحاول أن تخضعها لمنطق، لأنه لا يوجد منطق فيها أبدًا، وعلِّم نفسك أيضًا ما نسميه بـ (صرف الانتباه).

حين تأتيك هذه الأفكار والأفعال الوسواسية في بداياتها: انقل نفسك وفكرك وجسدك إلى شيء آخر، مثلاً قم من المكان الذي كنت جالسًا فيه، وخذ نفسًا عميقًا، ابدأ مثلاً في عدِّ التنفس لديك لدة دقيقة، تأمَّل في شيء طيب. هذا نسميه بـ (الاستغراق الذهني)، وهو من التمارين الجيدة جدًّا إذا طبَّقها الإنسان بصورة صحيحة.

إذًا عدم النقاش، عدم الخوض، عدم التحليل، وإغلاق الباب أمام الوسوسة منذ بداياتها. والأمر الثاني هو: صرف الانتباه عن طريق الاستغراق الذهني.

حاول أن تُكثر من المواجهات الاجتماعية، ولا تُراقب نفسك، هنالك نوع من المواجهات الاجتماعية الإيجابية جدًّا، مثلاً: تمارس رياضة جماعية ككرة القدم مع أصدقائك، في هذه الحالة لن تركز على تعابير وجهك أو شيء من هذا القبيل أبدًا. مثلاً في صلاة الجماعة، أيضًا الإنسان طبعًا لابد أن يكون خاشعًا في الصلاة ومنتبهًا، هذا أيضًا يصرف الانتباه تمامًا عن المراقبات الذاتية للأفعال الإرادية أو الغير إرادية.

يجب أيضًا أن تمارس تمارين استرخاء باستمرارية وبإجادة، تمارين التنفس (الشهيق الزفير)، تمارين شد مجموعة من العضلات وقبضها ثم إرخائها، ويا حبذا لو درَّبك الأخصائي النفسي الذي يعمل مع الطبيب الذي ذهبت إليه، أو يمكن أن تستعين بالبرامج الموجودة على الإنترنت وعلى اليوتيوب، هنالك برامج ممتازة جدًّا.

بصفة عامة: أريدك أيضًا أن تتخلص من الفراغ، الفراغ مشكلة كبيرة، الفراغ الزمني والفراغ الذهني، يجب أن تتخلص منه من خلال حسن إدارة وقتك، اجتهادك في دراستك، توزيع الوقت، الترفيه عن نفسك بما هو طيب وجميل، التواصل الاجتماعي، ممارسة الرياضة كما ذكرنا، احرص على النوم الليلي المبكر، لأن ذلك سوف يزيل عنك الإجهاد النفسي، لأن الإجهاد النفسي دائمًا يكونُ مصحوبًا بالقلق، والقلق دائمًا يكونُ مصحوبًا بالوساوس في بعض الأحيان.

السيرترالين دواء ممتاز جدًّا، بالفعل يُحسِّن المزاج، وهو من أفضل العلاجات التي تُعالج الوسواس القهري، لكن الجرعة المضادة للوسواس على الأقل تكون مائة إلى مائة وخمسين مليجرامًا في اليوم، هذه حقيقة مهمة جدًّا، فلا تُغيّر الدواء، إنما قد تحتاج أن ترفع الجرعة قليلاً.

أنا أيضًا أحيانًا أدعّم السيرترالين بجرعة صغيرة من أحد مضادات الذهان مثل الـ (رزبريادون) مثلاً بجرعة واحد مليجرام، ليلاً لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، هذا وجدناه مفيدًا جدًّا.

أو نصف عقار آخر يُعرف باسم (إربيبرازول) والذي يُسمَّى تجاريًا (إبليفاي) بجرعة خمسة مليجرام يوميًا مع السيرترالين أيضًا يُعتبر دواءً فاعلاً جدًّا في علاج الوساوس القهرية وتحسين المزاج وعلاج الرهاب الاجتماعي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً