الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب وجودنا في الحياة مع أننا نرتكب الذنوب؟

السؤال

كنت أريد أن أسأل عن وجودنا في الحياة والذنوب التي نرتكبها، مع أنه كان من الممكن أن نكون مثل الملائكة ولا نذنب، ونكون في طاعة الله فقط مثل الملائكة.

أشهد أن لا إله إلا الله، وأن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

الحياة التي نعيشها على هذه الأرض – أيها الحبيب – مرحلة قصيرة، جعلها الله تعالى ممرًّا ومعبرًا إلى حياةٍ دائمة، حياة الخلود، ورتَّب الله تعالى الجزاء في تلك الحياة الخالدة على عمل الإنسان واختياره لنفسه في هذه الحياة القصيرة، الحياة الدنيا.

هذه الحياة التي نحن فيها جعلها الله تعالى مرحلة اختبار وابتلاء للإنسان، ليختار لنفسه أي المصيرين يريد، قال سبحانه وتعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، فالموت والحياة لابتلاء هذا الإنسان واختباره، فإذا هو اختار طريق الاستقامة والرشاد واتباع ما يأتيه من عند الله تعالى من تعليمات وتوجيهات؛ فاز الفوز الكامل ونال السعادة الحقيقية الدائمة، وإذا هو استكبر على خالقه ورازقه ومولاه وامتنع من طاعته، فإنه يكون اختار لنفسه المصير الآخر، نعوذ بالله تعالى من الخذلان.

هذه هي حكمةُ الله تعالى في إيجاد هذه الحياة، وقد كرَّم الله تعالى هذا الإنسان وأعطاه القدرة على الاختيار، ومكّنه من التصرُّف، بخلاف الملائكة؛ فإن الله تعالى جبَلهم على الطاعة فقط، فـقال: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.

الإنسان كائن كرَّمه الله وشرَّفه وأعطاه من الملَكات والقدرات ما لم يُعط غيره من المخلوقات، وفي مقابل ذلك جعله الله تعالى محلًّا للاختبار وللابتلاء، فهو سبحانه وتعالى الخالق {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}، لا يفعل شيئًا عبثًا، كما قال سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}.

إيمان الإنسان بالله تعالى وبحكمته وأنه عليمٌ حكيمٌ، حَكَمٌ عدلٌ، لا يفعل شيئًا عبثًا، وأن أفعاله كلها بمقتضى الحكمة، إيمانُه هذا يدفعه إلى أن يعلم بأن الله سبحانه وتعالى إنما خلق الإنسان بهذه الصفة وقدَّر له أن يحيى هذه الحياة لكمال علمه سبحانه وتعالى وحكمته، والإنسان العاقل ينبغي أن يشتغل بعد ذلك بما يُحقِّق به المُراد الإلهي من وجوده في هذه الدنيا، وأن يشتغل بما ينفعه، ما دام يُؤمن بهذا كلِّه، وقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في آخر سورة الذاريات: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.

الحكمة من وجودِنا هي القيام بعبادة الله تعالى حتى نفوز بجائزته ورضوانه وثوابه، والموفَّقُ مَن اشتغلَ في تحقيق هذه الحكمة للوصول لتلك الغاية.

نسأل الله أن يجعلنا وإياك منهم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات