الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أنظر إلى المرآة فأنا أكره شكلي وأشعر أنه عقاب من الله.

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من مشاكل نفسية وهي: كره شكلي، فكلما نظرت للمرآة أصاب بالتعب النفسي، والبكاء الشديد على شكلي، وللأسف أعتقد أن كل تلك المشاكل هي عقاب الله لي على ما فعلته من ذنوب منذ 10 سنوات، ولدي ندبات في وجهي قبيحة جدا، بجانب كل ذلك أنا وحيدة تماما، لم أتزوج إلى الآن رغم كبر سني وهو 27 سنة، وأعتقد أيضا أن ذلك عقاب لي من الله.

أنا تبت إلى الله منذ 10 سنوات، ولكن إلى الآن حياتي جحيما، كما أنني أعاني من الخوف والقلق من أن يحدث شيئا لوالداي وأكون وحيدة تماما.

أتمنى الموت في كل لحظة تمر علي، هل سيعوضني الله عن قبح شكلي في الآخرة؟! وهل سأكون جميلة ولدي بشرة رائعة؟ أنا أبكي عندما أستيقظ، وعند خلودي للنوم، تعبت ويئست، وأتعالج نفسيا لدى طبيبة نفسية، ولم تجدي لي نفعا إلى الآن، فأنا ما زلت كارهة لذاتي وشكلي، فأنا أتهرب من المرايات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي العزيزة: هل أنت ترين نفسك لست جميلة أم الناس من يصفك بذلك؟ فهناك فرق بين الحالتين:
في الحالة الأولى: فليس بالضرورة أن يكون حكمك على نفسك صحيحاً، فأحيانا مقارنة شكل وجهنا وجسمنا بالآخرين تجعلنا أكثر إحباطاً وأقل ثقة في أنفسنا.

أما في الحالة الثانية: فالناس ليس لديهم معيار للجمال من عدمه؛ لأن آراءهم تختلف حول ذلك، فما يراه شخص ما غاية في الجمال يراه آخر غير ذلك، بالتالي هي أذواق ووجهات نظر نابعة من طريقة تفكير الشخص وبيئته وما نشأ عليه.

ولحل مشكلتك، نوجهك لتطبيق الإرشادات التالية:
- تقبلي نفسك: إذا شعر الناس أنك لا تحترمي ذاتك ولا تقدريها، ولا تتقبلي شكلك كما هو، فسوف ترين نظرات الجميع وكأنها نظرات استغراب يملؤها النفور، مما يؤثر سلباً في ثقتك بنفسك ويزيد الأمر تعقيداً، لذا عليك الاقتناع بما أنت عليه، وقد أوصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين بالرضا في مواطن كثيرةٍ، منها ما جاء في قوله: (وارضَ بما قسمَ اللَّهُ لَك تَكن أغنى النَّاسِ). والرضا نقيض السخط، وعلامة الارتياح وسكون القلب في ما اختار الله سبحانه.

- على قدر نجاحك في حياتك الدراسية أو العملية يكون رضاك عن شكلك الخارجي وجوهرك الداخلي، فالنجاح يعلو فوق المظهر، ويجعل الجميع ينظرون إلى إنجازاتك قبل أن ينظروا إلى شكلك.

- املئي وقتك بأعمال إبداعية منتجة ومفيدة تحققين فيها ذاتك، واستغلي صحتك الآن ووقت الفراغ. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ يعني: كثير من الناس تضيع صحته بغير فائدة، وفراغه في غير فائدة، صحيح الجسم معافى في بدنه، وعنده فراغ ولكن لا يستعمل ذلك فيما ينفعه، وفيما يقربه من الله، وفيما ينفعه في الدنيا، فهذا مغبون في هاتين النعمتين، وإنما ينبغي للمؤمن أن يستغل هذه النعمة فيما يرضي الله، وفيما ينفعه. ويقول رسول الله عليه الصلاة والسلام (اغتنمْ خمسًا قبل خمسٍ شبابَك قبل هرمكَ وصحتَك قبل سَقمِكَ وغناكَ قبل فقرِك وفراغَك قبل شغلِك وحياتَكَ قبل موتِكَ).

- أما موضوع والديك أطال الله بعمرهما، فهذا أمر يقدره الله، ويعلم ما في الغيب وهو الذي يدبر الأمور، والموت حق وكلنا عاجلاً أم آجلاً سوف نموت، ولكن هذا لا يعني أن يسيطر التفكير بالموت على عقولنا، فنحن بذلك سوف نقف مقيدين لا نقوى على فعل شيء في حياتنا اليومية، وهذا ما لم يأمر به ديننا الحنيف.

وفقك الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً