الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفكير السلبي بشخص معين.

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة مغتربة عشت في منزل مع فتاة من جنسية عربية، وكانت هذه الفتاة تتعامل معي كأنني والدها، وتعتمد عليّ كلياً في كل شيّ، وكانت تلعب دور الضحية في كل شيء، كل مرة تقوم بفعل شي خاطئ، وأحاول تنبيهها تقوم بلعب دور الضحية وتبكي، أو تبدأ بالدفاع عن نفسها حتى إذا طلبت منها شيئا بسيطا جداً، كانت دائمة النظر إلى ما أملك، وتعدد الأشياء الجميلة في حياتي التي لا تملكها هي، كنت أشعر بالحديث معها بنقص في الطاقة وإرهاق وتعب، وكأنها سحبت كل طاقتي، وعندما قررت الخروج من المنزل قامت بلعب دور الضحية، وأخذت تتحدث عني بالسوء أمام الناس، وتقول أنني غير أصيلة والكثير من الكلام، دائماً ما أفكر فيها بطريقة سلبية كثيرة، لا تخرج من عقلي رغم محاولاتي الكثيرة للانشغال، والذكر إلا أنني أتذكر دائماً ما كانت تقوله، وتفعله حيث كنت من الكاظمين الغيظ، وتجاوزت عن الكثير من الأشياء، وأشعر بحزن كبير بأنها تتحدث عني بالسوء، وتحاول إيذائي، أشعر أنني دخلت دوامة من القلق والمشاعر السلبية؛ حيث فقدت ثقتي بنفسي، وأنني لن أستطيع النجاح في حياتي لأنها كانت دائمة الانتقاد لكل شيء أفعله، وعندي خوف وقلق كبير منها أنها ستؤذينني في المستقبل، لست قادرة على التعامل مع هذه الحالة التي وصلت معها.

مع العلم أنني عشت معها سنة واحدة فقط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك عزيزتي, ونشكر ثقتك بنا.
رسالتك تدور حول معاناتك من علاقتك بزميلتك في السكن، وتأثيرها السلبي عليك وعلى حياتك، ومن الواضح أن زميلتك لديها نمط شخصية معين يثير المشاكل والتعب لمن حوله، ولكنني الآن لست بصدد مساعدتها هي، بل أنتِ، فأنت السائلة والمرسلة لنا، لذا كلامي سيكون موجها لك فقط.

اقتراحاتي لك هي:
-ان العلاقات الإنسانية وُجدت في حياة الإنسان للراحة والرحمة، لم نُخلق لنستنزف أيامنا في علاقات صعبة، فالحياة تركض بشكل مخيف والعلاقات وُجدت لتكون بمثابة استراحة ومتكأ للقلوب، لا تعباً ولا مشقة ولا استنزاف للأعصاب فيها.

فزميلتك التي أخبرتنا عنها هي زميلة سكن ولا تعني لك شخصياً، أي لا يوجد لها مكانة خاصة في قلبك كصديقة حقيقية وأخت لكِ، وليست قريبة لك أو من العائلة، أي لست مضطرة نهائياً أن تجامليها، بل على العكس، توصيفها بالنسبة لك "زميلة سكن"، وبالتالي عليك اختيار زميلة السكن عن دراسة وحذر شديدين، فهي شخص ليس بصديق، ولكنه قريب لك، وبإمكانه معرفة أغلب تفاصيل حياتك اليومية، وبالتالي ضرره عليك قد يكون أكبر من أي شخص آخر.

لذا أتمنى منك عزيزتي أن تفكري مع نفسك، بأن الغربة بحد ذاتها صعبة، فما بالك إن كانت الفتاة لوحدها دون أسرتها، أي تفتقد دائرة الدعم الأكبر في حياتها، وبالمقابل هناك مسؤوليات وصعوبات على الفتاة أن تكافح بمفردها لتتولى أمورها في الغربة دون أن تحتاج لأي أحد غريب، أي ما أريد قوله أن الغربة كفيلة أن تأخذ من الإنسان كل طاقته الجسدية والنفسية, وهذا يجعله بحاجة حقيقية لإعادة شحن نفسه وطاقاته وهمته؛ لذا أنت حتماً لست مضطرة لتحمل شخص سلبي يمتص طاقتك، ويؤثر عليك سلباً، ويرمي عليك طلبات ومسؤوليات أنت بغنى عنها، ويلومك على ذلك؛ أرى أن الحل هو أن تقطعي علاقتك بها نهائياً.

لذا أتمنى أن يكون بإمكانك أن تخرجي من البيت وتبحثي عن سكن آخر, أعلم أنه أمر صعب وليس بتلك السهولة, ولكنه أسهل بكثير من بقاءك مع شخص سلبي يمتص طاقتك يومياً.

وكوني على ثقة أنه ليس بإمكانها أذيتك, ففي الغربة أخلاق الشخص وحيطته واتكاله على الله وحدهم من سيحمونك.

لا تنتظري منها أن تُنصفك، وتتحدث عنك بالخير، وأن ترد لك الخير بالخير والشكر، لن تفعل ذلك غالباً، بل على العكس, ستمتص من طاقتك، وتستفيد منك، ولن تتوقف عن التمادي في ذلك، إن لم تكوني أنت قادرة على وضع حد لها.

أما في حال كنت مضطرة على البقاء في السكن معها، وعدم قدرتك على تغييره في الفترة الحالية، فهنا خيارك الوحيد أن تكوني حازمة معها تماماً، وتضعي الحدود بينك وبينها، وبإمكانك أن تتحججي بالعمل، وانشغالك الكبير به، بهدف أن تقطعي علاقتك بها، وتأكّدي أن الغربة تجعل من الإنسان أقوى وأكثر اعتماداً على نفسه، وأكثر لامبالاة بالآخرين، وخاصة السلبيين منهم، وتذكري أنك مغتربة وحدك بسبب أهداف لديك ترغبين بتحقيقها، ركزي عليها، واجعلي هدفك الحالي أن تعيشي مستمتعة بالغربة فيما يرضي الله، لا أن تسمحي لأحد أن يسحب طاقتك ويضلّك عن الهدف الذي جئتِ من أجله.

ختاماً: أتمنى أن أكون قد أفدتكِ بإجابتي.

بالتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • عمان عبد الكافي

    جزاك الله خيرا وبارك فيك. لكن في هذه الأيام لا أحد يقوم بفعل ما كتبته فهم قد نسوا ربه ودينهم بسبب مشاغل حياته رغم انه يوجد الكثيرن ينتبهون ويحاولوا إصلاح الناس. لكن هذه الفتاة لم تكن تنتبه لعلاقتها مع صديقتها التي لا يجمع بينها شيئ من الدين، يجب عليها تقوية علاقتها بالناس الدينين والأهم من هذا تقوية علاقتها بربها وكتابه، لذا انصحك عزيزتي إن تلجئي إلى ربك المعين وهو يرزقك صحبة افضل وصحبة صالحة اتمنى من كل قلبي ان تتبعي الكلام الذي جائك بالإجابة لانه سيحسن حالتك

  • ليبيا فتحيه

    يارب نسألك الثبات على دينك

  • المغرب هند

    شكرا على مجهوداتكم و على الموقع المفيد ،الرائع و القيم أعانكم الله و جزاكم ألف خير أدعو الله أن يوفقنا لما يحبه و يرضاه
    طالبة في السنة الثالثة إعدادي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً