الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الحزن المستمر بسبب قسمة زوجي بيني وبين زوجته الأخرى

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة متدينة وحاصلة على مستوى التعليم العالي، متزوجة ولدي أربعة أولاد، منذ خمس سنوات تزوج علي زوجي برضا مني، وأنا التي رشحت له من يتزوج.

بعد الزواج حدثت بينهما مشاكل كثيرة من جهتها، بسبب أن زوجي كان مشترط بعدم العدل بيني وبينها في المبيت، ورغم المشاكل التي دامت هذه السنين لم يتخل عنها زوجي.

منذ سنة وهو يعدل في المبيت ويوزع أوقاته، ولكنني أحزن من ذلك بشدة، خاصة عندما أتعب مع الأولاد، لم يرزق زوجي منها بولد؛ لأنها تكبر منه بست سنوات، والآن أجد نفسي لا أتحمل هذه الحياة، وأفكر بالانفصال، وأريد حياة هادئة، ولا أستطيع أن أتقبل غياب زوجي، وأنه ساوى بيني وبين تلك المرأة فماذا أفعل؟

حاولت أن أشغل نفسي بالدراسة، ولكنني لا أستطيع الدراسة بسبب التفكير المستمر، والحزن المستمر والبكاء في أغلب الأحيان، ومقصرة في حق أولادي وزوجي أيضا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نرجيزة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

من الطبيعي جدا أن تصاب المرأة بشيء من الحزن بسبب تزوج زوجها عليها، وبسبب مفارقتها في بعض الأيام، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حبك له وغيرتك عليه.

لقد كان زواجه برضى منك، وهذا من حسن معشرك وطيب معدنك، وامتثالك لشرع ربك، ولعل الله تعالى يجازيك بما لا يخطر لك على بال -بإذن الله تعالى-.

الحزن لن يقدم أو يؤخر من الأمر شيء، بل سيعود عليك بالضرر، فها أنت بدأت تعانين من التقصير في حق زوجك وأبنائك، ولم يغير حزنك من الحال شيئا.

كون زوجك غير من شرطه مع زوجته الثانية ربما يكون لكونها تعمل له المشاكل بسبب ذلك، ولعله ينظر في مدى هدوئك، ولا أظن أن تستمر حياته معها إن بقيت تختلق له المشاكل، ولا أظن أنه سيضحي بأبنائه من أجلها مع عدم استقرار حياته.

انشغلي بالطاعات والتقرب من الله تعالى في اليوم الذي لا يكون عندك، واعتبري ذلك اليوم لتجديد النشاط في كثير من الأعمال، وترتيب البيت والعناية بالأبناء، وتناسي أنه متزوج، ولهي نفسك بالأعمال المفيدة كالقراءة والاستمرار في الدراسة.

عليك أن تحسني من استقبال زوجك، واحذري أن تهملي نفسك بسبب الوضع الراهن، واعذريه في مسألة العدل.

كوني دوما بأبهى حلة، وغيري من مظهر بيتك بتغيير وضعية الأثاث وخاصة غرفة النوم، وتوددي إلى زوجك بكل ما تقدرين عليه، واجتهدي في كسب قلبه ومحبته، فأنت أصل البيت ولن يستغني عنك أبدا، وأنا لا أشك أنه يكن لك كل الحب والتقدير، واستغلي يومك أحسن استغلال.

لا بأس أن تفتحي معه حوارا بناء هادئا، واحذري أن يشعر بأنك تريدين منه مفارقة زوجته، واتركيه يحل مشكلته بنفسه، لكن اجعليه يشعر بالأمان والطمأنينة والراحة والسعادة في يومك، فهذا هو المطلوب منك، وهو سيجد الفارق.

أوصيك أن تكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، فذلك سيجلب لقلبك الراحة والطمأنينة كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

حافظي على الصلوات في أول وقتها، وأكثري من النوافل، وتضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، مع تحين أوقات الإجابة وسلي ربك ما تريدين من خيري الدنيا والآخرة، وأكثري من دعاء ذي النون: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

أكثري من دعاء: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك السعادة والتوفيق آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً