الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأتيني نوبات بكاء، وفزع، وتأنيب ضمير، وإحساس بالفشل رغم تشجيع أمي وأبي

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 24، بعد التخرج حصلت على وظيفة حكومية، والحصول على الوظيفه في بلدنا من الأمور الصعبة جدا، وحمدت الله كثيرا عليها؛ لأنها تعتبر فرصة ذهبية في الظروف الحالية، حيث نذرت أول راتب للفقراء من شدة الفرحة، لكن الذي حصل لم أستطع التأقلم والتكيف بسبب طبيعة العمل المزعجة، حيث أنها وظيفة مختلطة والعاملين غير محترمين، وأيضا أعاني من الخجل، فكان الأمر مجهد لصحتي النفسية، ووزني قل جدا، نزلت 9 كيلو، وفقدت شهيتي، حيث كان التعامل مع الناس صعب جدا بالنسبة لي من ناحيتين، أولا بسبب شخصيتي الخجولة وغير المتكيفة، والناحية الثانية بسبب الاختلاط مع الرجال والألفاظ البذيئة التي أسمعها تدهورت حالتي النفسية خلال 8 أشهر، وقررت ترك العمل، حيث أني غير محتاجة ماديا، لكني كنت محتاجة له معنويا، وأيضا للمستقبل.

سائت حالتي أكثر بسبب تدخلات الناس بأنها فرصة العمر، وأحسست بأني غير قادرة على مواجهة المجتمع حيث أن لي صديقة معي متكيفة مع طبيعة العمل تعاني من الاختلاط أيضا، لكنها تتحمل الظروف، فهذا يزيد من عدم ثقتي بنفسي، ذهبت لطبيب نفسي وصف لي دواء selixa 10، تناولته لمدة شهرين، تحسنت نفسيتي لكن الآن بين الحين والآخر تأتيني نوبات بكاء، وفزع، وتأنيب ضمير، وإحساس بالفشل رغم تشجيع أمي وأبي بقرار تركي للعمل لما فيه من مساوىء.

فما هي نصيحتكم لي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Huda حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: قطعًا أنت لست مريضة، الذي حدث لك هو نوع من عدم القدرة على التواؤم أو التكيف، مع وضعٍ تصادم مع منظومتك القيمية، والذي نتج عن هذا الأمر هو أمر طبيعي جدًّا، لأنك قررت ترك هذا العمل، وقد شجّعتك أُمك وكذلك والدك على هذا القرار.

أنا أعتقد أنه ليس هنالك أي شيء تأسفي عليه، هي تجربة خُضتِها، وبعد ذلك تصادمت بواقعها، ووجدت أنه من الصعب عليك العمل في البيئة والمحيط الذي فيه هذه الوظيفة.

فلا تنظري إلى الوراء أبدًا، انظري إلى قوة الآن وإلى أمل المستقبل ورجائه، وأنا أقول لك: من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه. فلا أريدك أبدًا حتى تتهمي نفسك بالخجل، الأمر ليس خجلاً، الأمر هو منظومة قيمية راقية ومنضبطة، متعلِّقة بكيانك الوجداني الداخلي، وحدث هذا التصادم كما ذكرتُ لك، وها أنت تركت العمل وذهبت إلى منزلك، وإن شاء الله تعالى يفتح الله تعالى لك أبواب أخرى في محيط العمل أو دراسات عُليا أو الزواج، وأنا أعتقد أنه إن شاء الله تعالى سوف يأتيك خير كثير.

وموضوع تناول الدواء: أعتقد أنك لست في حاجة حقيقة لعلاج دوائي، لكن ما دام الطبيب – جزاه الله خيرًا – قد وصف لك الـ (اسيتالوبرام) وهو دواء ممتاز ومتميز جدًّا، فمن المفترض أن تُكملي الدورة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، هذا أفضل، عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، أنت قضيت شهرين، فيمكن أن تُكملي الشهر الثالث، وبعد ذلك تجعلي الجرعة خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.

وأنا أريدك أن تستفيدي من وقتك، هذا مهمٌّ جدًّا، تُفكري إيجابيًّا، تقرئي، تطّلعي، تحفظي شيء من القرآن الكريم، تُشاركي في أعمال المنزل مع الوالدة، تمارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، تبحثي عن مجالات عمل جديد في مكان جديد وفي بيئة جديدة، تفكّري في دراسات عُليا. الحمد لله تعالى أنت قد تخرَّجت واكتسبت درجتك العلمية، وها أنت الآن تضعين اللبنات الأولى في سُلَّم الحياة، وأقصد بذلك الحياة المهنية وحياة المسؤولية، وحياة سِن النضوج.

أنا أراك بخير، وإن شاء الله تعالى ليس هنالك أي مشكلة بالنسبة لك، أرجو أن تطمئني تمامًا، فقط أودُّ أن أضيف أنه بجانب التطبيقات الرياضية، تمارين الاسترخاء تفيدُ كثيرًا في مثل هذه الحالات، فيكمن أن تطلعي على أحد تمارين الاسترخاء الجيدة من خلال اليوتيوب وتطبّقي هذه التمارين، فهي ذات فائدة عظيمة جدًّا بالنسبة لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً