الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل عدم التفاهم والخلافات بين الزوجين نتيجة سحر؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابن عمي تزوج منذ فترة قريبة جدا من فتاة لا يوجد بينهما توافق ولا مشاعر، وكانت فترة الخطوبة بينهما مليئة بالمشاكل والخلافات حتى في الفترات الطبيعية، كان يقوم بزيارتها ساعة أو ساعتين أسبوعيا، حتى المكالمات الهاتفية كانت قليلة جدا مرة في اليوم ولا تتعدى الدقائق، والخصام بينهما يطول لشهر وشهرين بدون كلام، وكان طول فترة الخطوبة يشتكي من أسلوبها وردودها الفظة عليه، وأنهما مختلفين في كل شيء، وكان في وضع أن يفسخ الخطوبة أكثر من مرة، حتى تم الزواج وكان طول الوقت يشتكي أنه غير سعيد بهذا الزواج رغم حبها له، ولكن هو لم يكن يحبها، ولم يكن سعيد أبدأ بهذا الزواج، وكان يشعر أنه مجبر عليه حتى تم الزواج، ومن أول يوم كان يشتكي أنه غير سعيد أبدًا، ولم يشعر بأية متعة فيه، وأنه ندم على إتمام هذا الزواج، ويشتكي دائما من عدم التفاهم حتى في أبسط الحوارات والأمور اليومية، وحدث بينهما خلاف كبير بسبب ردودها المستفزة له في موقف.

بدأ من حوله يقنعونه أن هذا سحر للتفريق، وبدأ يفكر ويبني حياته على أساس أنهما مسحورين، وأي خلافات بينهما أنها غير واعية، وبدأ يؤمن بوجود شخص آخر مكانها يرد هذه الردود المستفزة عليه، وليست هي، وأنها غير واعية وتنسى ما قالته، وبدأ يحمل هم تغيير المكان، وأخبره أنه سوف يعيش أيامًا صعبة الفترة القادمة وهو مقتنع، فهل هذا فعلا سحر للتفريق أم عدم تفاهم من البداية واختيار خاطئ؟ وكيف يتصرف في هذا الموقف؟ مع العلم أن كل شخص يسمع شكوته والخلافات بينهما يقنعه بأنه حسد وسحر، وخاصة إذا كان هذا الناصح له علاق بهذه الأمور، ما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hadiir حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك، وشكرًا لك على الاهتمام بأمر ابن العمِّ وزوجته، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم جميعًا في طاعته السعادة والآمال.

أرجو أن يعلم الجميع أن مسألة التفاهم بين الأزواج، والخاطب والمخطوبة في مرحلة الخطوبة؛ هي مسألة ينبغي أن يكون الاهتمام بها كبيرًا، بل هي القاعدة التي يقوم عليها الزواج الناجح، فالارتياح والانشراح، يعني الذي يحدث بداية وقاعدة نبني عليها، لأن (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف).

ووجود بعض المواقف السالبة في مرحلة الخطوبة – أو حتى في مرحلة الزواج الأولى – من الأمور الطبيعية، ولكن الإشكال في كيفية التعامل مع هذه المشكلات وحصرها في إطارها الزماني والمكاني، وإعطائها حجمها المناسب، وإذا ذكّر الشيطان بالسلبيات فتذكّر الإيجابيات التي ينبغي أن تكون الأكثر في هذه الحالة.

وعليه نحن كنَّا نتمنَّى فعلاً أن نسمع من الطرفين، ولا مانع أن يتواصلا معنا في الموقع، ونشكر لك هذا التدخُّل وهذا العرض لمشكلة ابن العمِّ وزوجته، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على الخير.

ونحب أن نقول: هذه الإشكالات التي تحدث قد يكون الأمر فيها طبيعيًّا بعد أن نستمع إليه، يعني: بعد أن نستمع للأطراف، أو يعرضا فعلاً نوعية المشاكل التي تحدث، ونوعية الخلافات التي تحدث بينهما، فأحيانًا يكون الاختلاف في نمط الشخصية أو في الخلفيات التي تربُّوا عليها، أو في التمسُّك بالمعايير والمفاهيم المجتمعية الموجودة في البيئات التي جاء منها الزوج أو جاءت منها الزوجة.

على كل حالٍ: نحن نريد أن نقول أن معظم البيوت يحدث فيها خلاف، وليس هنا الإشكال، ولكن الإشكال في أن يأخذ الخلاف حجمه، وفي أن نعرف نحن عوامل النجاح بين أي شريكين وبين أي صديقين، أن يتفادى كل إنسان ما يُزعج الآخر، كما قالت زوجة شُريح القاضي: (حدثني بما تحب فآتيه، وحدثني بما تكرهه فأجتنبه)، فإذا حرص كل طرف من الزوجين على أن يفعل الأشياء التي يُحبُّها الشريك ويتفادى الأشياء التي تُزعج الشريك؛ فإن هذه قاعدة كبرى للنجاح.

وبناءً عليه فإن عرض المشكلات الفعلية يتبيّن منه إن كان هناك فعلاً أمور طبيعية أم هناك أمور غير طبيعية، وعلى كل حال: لا مانع من أن يحرصا على المواظبة على أذكار الصباح والمساء، وأن يعرضا أنفسهما على رُقاةٍ شرعيين ممَّن يُقيم الرقية الشرعية على قواعدها وضوابطها الصحيحة.

ونحب أن نقول: المؤمن أيضًا ينبغي أن يُدرك ويُؤمن بقول الله تبارك وتعالى: {قل لن يُصيبنا إلَّا ما كتب الله لنا}، فليس صحيحًا أن نظنَّ أن الناس – أن السحرة – يملكوا تغيير شيء أو فعل شيء، هم لا يملكون لأنفسهم فضلاً عن غيرهم ضرًّا ولا نفعًا، ولكن من باب اتخاذ الأسباب لا مانع من أن يقرأ الإنسان على نفسه الرقية الشرعية – كما قلنا – أو يذهب إلى راقي يراعي الضوابط الشرعية في الرقية.

أكرِّر: نحن بحاجة إلى أن نعرف نوعية المشاكل حتى نُصنِّف، نحن بحاجة إلى مزيد من التفصيل، حتى لو ذُكرت بعض المواضع التي حدث فيها الخلاف، ونوعها، وكيف ردَّ الطرف الأول؟ وكيف ردَّ الطرف الثاني؟ لأن هذا يُعيننا على فهم أنماط الشخصيات، وهذا يُساعدنا إن شاء الله في وضع النقاط على الحروف.

المهم – أكرر – دورنا جميعًا ودور السائل أيضًا هو أن نُشجّع هؤلاء على الوفاق، وأن نُبيِّن لهم أن المشاكل ينبغي أن تُدار بطريقة صحيحة، وأن يتذكّروا الإيجابيات كلَّما ذكّرهم الشيطان بالسلبيات، ونسأل الله أن يُصلح لنا ولهم ولكم النية والذُّريَّة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً