الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيرت حياتي وشخصيتي، بعد أن كنت من المتفوقات.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في السنة الثالثة في كلية الطب البشري، أول سنتين في حياتي الجامعية -بفضل من الله- كانت ممتازة من ناحية العلامات وشغفي بالدراسة، وعدم تضيعي للوقت، حتى أنني في تلك السنتين كنت من الأوائل في دفعتي، ولكن منذ بداية السنة الثالثة وعلاماتي تتدنى، حتى أنني أصبحت أحصل على علامات أقل من أصدقائي الذين كانوا يحصلون على علامات أدنى من علاماتي.

أفكاري أصبحت مشوشة، أحس بأن في دماغي مليون فكرة، أفكر في كل شيء، حرفيا لا أستطيع أن أجلس على الدراسة لوقت طويل، كل فترة أتذكر شيئا وأقوم لأفعله، مع أنني أحاول في نفسي وأقول لن أفعل ذلك وسأركز، ولكن يتغلب ذلك التفكير علي ولا أستطيع أن أبقى مركزة.

أحس أن نفسيتي زادت سوءا أكثر هذه السنة، علما بأنني تقريبا منذ سنتين أحس بأن لدي فترات من الكآبة والحزن والتشويش، لكنني كنت أتغلب عليه، لكن في هذه السنة لم أستطع أن أتغلب على شيء.

كنت قد وضعت أهدافا لأحققها، وأستعيد ترتيبي مع الأوائل وأرفع مستواي، لكن بعد أن قدمت الامتحانات ولم أحل مثلما أريد أصبت بالإحباط من نفسي وأكتئبت، وبسبب ذلك جلست شهرا بعدها لا أستطيع أن أدرس شيئا، لا أدري مهما حاولت إخراج التفكير من رأسي بأنه لماذا تريدين أن تعودي وتصبحي من الأوائل؟ لماذا أقارن نفسي بمن حولي، لماذا إن تعثرت لا أقوم وأنسى الماضي؟

عقلي لا يستوعب كيف كنت طالبة مجتهدة تأخذ علامات عالية، والآن آخذ علامات متوسطة وأقل، لا أستوعب كيف من حولي يتقدمون وأنا أعود للوراء، لا أتقبل ذلك مهما حاولت، لا أدري ما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Yara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

أظنُّك قد دخلت في نوع من الحالة القلقية، مع شيء من التفكير الوسواسي المتداخل، حتى وإن كان من الدرجة البسيطة، لكن قطعًا يخِلُّ كثيرًا بالتركيز عند الإنسان، ولا أراك تُعانين من حالة مرضية، هذه مجرد ظواهر، والإنسان حين يقلق ويتشتت التركيز يُصاب بالمزيد من الإجهاد النفسي، وهذا قطعًا يُدخل الإنسان في حلقة مفرغة، فاطمئني تمامًا، الأمر في غاية البساطة.

حُسن إدارة الوقت سوف تساعدك كثيرًا، وأوّل ما يجب أن تقومي به هو النوم الليلي المبكّر، ثبّتي وقت النوم، هذا مهمٌّ جدًّا، وحسّني صحتك النومية من خلال تجنب النهاري، وممارسة الرياضة، أي تمارين رياضية تناسب الفتاة المسلمة، وعدم شُرب الشاي والقهوة أو كل محتويات الكافيين بعد الساعة الخامسة مساءً، واحرصي على أذكار النوم.

حين تنامين مبكّرًا ستستيقظين لصلاة الفجر، وبعد أداء الصلاة ومثلاً الاستحمام وشُرب كوب من الشاي، ابدئي الدراسة، ابدئي بالمذاكرة لمدة ساعة إلى ساعتين قبل أن تذهبي إلى الجامعة، هذه المدة سوف تكفيك تمامًا، لأن الصباح وقت الاستيعاب، وهو وقت الخير والبركة، والإنسان حين ينام نومًا هادئًا وطيبًا ويستيقظ ويؤدي صلاته لا شك أن الدماغ سيكون في حالة استقبال واستنفار إيجابي عالٍ جدًّا، هذا الأمر قد جرَّبناه، فأرجو أن تكون هذه هي منهجيتك.

الأمر إذًا في غاية البساطة، وبعد ذلك وزّعي وقتك في بقية اليوم بما هو مناسب، شيء من الأنشطة الاجتماعية، شيء من الترفيه على النفس، أن تكوني فعّالة داخل الأسرة، التواصل مع صديقاتك، ويمكن أن تدرسي أيضًا ساعة إلى ساعتين في المساء، وهذا يكفي تمامًا.

وحتى نضمن تمامًا أن هذا التشويش وهذا القلق والتوتر قد انتهى، أعتقد أنه سيكون من الجيد والطيب أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة المعالجة لهذه التوترات، الدواء يُسمَّى (سيبرالكس) واسمه العلمي (اسيتالوبرام)، تحتاجين أن تتناوليه بجرعة نصف حبة -أي خمسة مليجرام- ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهو دواء رائع.

أرجو أن تُطبقي الإرشادات التي ذكرتها، ودائمًا ضعي لك أهدافا متطلّعة وعالية وتفاؤلية، -أنت ذكرتِ- هذا الأمر، لكن لا بد للإنسان أن يدفع نفسه من خلال طلب المعالي، من خلال أن تكوني يدًا عُليا، من خلال أن تكوني من المتميزين، تصوري نفسك بعد أربع أو خمس سنوات من الآن أين أنت، طبعًا التخرج، الماجستير، الزواج، هذه كلها أشياء طيبة وجميلة في الحياة، وحين يضعها الإنسان كأهداف أنا متأكد سوف يصل إلى غاياته.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً