الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف ألا أتزوج بسبب أني مريضة!

السؤال

السلام عليكم.

أنا بنت عمري ١٧ سنة لديّ مرض، ولهذا السبب أخاف كثيرا من المستقبل، مثل: أخاف من أني لن يتزوجني أحد، لأنني مريضة، ولقد تعبت كثيرًا، ونفسيتي تعبت من التفكير، ما هو الحل؟ ماذا عليّ أن أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ alma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يُعجّل لك بالعافية والشفاء، ونوصيك – ابنتنا الكريمة – باللجوء إلى الله تعالى ودوام دعائه، فإن الله سبحانه وتعالى لا يُعجزه شيء، إذا أراد شيئًا إنما يقول له كن فيكون، ومرضُك سيزول بإذن الله تعالى، وسيلطف الله تعالى بك ويوصل إليك الخير بطرق خفية، فإنه لطيفٌ خبير، فأحسني ظنّك بالله تعالى، فإنه يقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظنّ عبدي بي، فليظنُّ بي ما شاء).

واعلمي جيدًا أن الله تعالى أرحم بك من نفسك ومن أُمِّك وأبيك، وأنه لا يُقدّر لك إلَّا ما فيه خيرُك وصلاحُك، وقد يبتليك ببعض الآلام والأمراض ليُقدّر لك من الخير ما لا يُحيطُ به علم البشر، فربما أراد الله تعالى لك رفعةً في الدرجات وتكفيرًا للذنوب والسيئات، ولن تبلغي ذلك بعملك، فيُقدِّرُ الله تعالى لك من الأسباب ما يُوصلك إلى تلك الدرجات.

فكوني مطمئنة لحُسن تدبير الله تعالى ورحمته ولطفه، واعلمي أن الصابرين يُجزون أجرهم بغير حساب، كما أخبر بذلك ربُّنا في كتابه، وأخبر بذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم في صحيح سُنَّته.

ولا داعي لهذا القلق، وهذا الخوف الذي تتخوفين منه، فإن المستقبل بيد الله تعالى، فتوكّلي عليه، وحُسن التوكُّل على الله والتفويض إليه من أعظم الأسباب للوصول إلى الآمال المرجوّة، وقد قال الشاعر:
فبحقِّه لأسلِّمن لأمرِه ... في كل نازلةٍ وشدِّ خناقِ.
موسى وإبراهيمُ لمَّا سَلَّما ... سَلِمَا من الإغراقِ والإحراقِ

فإذا سلَّم الإنسان أمره لله وتوكل عليه جعل الله تعالى ذلك سببًا لتفريج همومه وتيسير أموره، {ومن يتوكل على الله فهو حسبُه}، هكذا قال الله تعالى في كتابه الكريم. ولمَّا يأمرُنا سبحانه وتعالى بالتوكُّل يذكرُ لنا من صفات الله تعالى ما تدفعنا إلى هذا التوكُّل، فيقول سبحانه: {وتوكَّل على العزيز الرحيم}، العزيز يعني القوي الذي لا يُغلب، وهو مع هذه القوة والقدرة رحيم، يفعل ما هو صلاحٌ للعبد. ويقول: {وتوكّل على الله وكفى بالله وكيلاً}.

ففوضي أمورك إلى الله وأحسني التوكُّل عليه والاعتماد عليه بقلبك، وسيجعل الله تعالى لك من كل عُسرٍ يُسرًا، ولا تسألي كيف سيجعل الله تعالى لك التيسير، فإنه على كل شيءٍ قدير، قال الله سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

وحُسن التوكّل على الله مع الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره وأن الله تعالى قد كتب كل ما سيكون لهذا الإنسان؛ هذا الإيمان هو جنَّةٌ عاجلة يعيشها الإنسان المؤمن في هذه الدنيا، فيعيش مطمئنًا أن ما قد كتبه الله تعالى له سيكون لا محالة.

نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يُقدر لك الخير، ويُعينك على ما فيه مرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً