الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اضطراب الشخصية والأعراض التي أشكو منها على ماذا تدل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أتمنى أن تشخصوا حالتي، وجعلها الله في ميزان حسناتكم.
أولا: أنا أعاني من الوسواس القهري الشديد، والمتمثل بالتركيز على نفسي وهو مراقبة أفكاري، ونفسي حتى أثناء النوم، مما أدى إلى الأرق والاكتئاب الشديد، ولكن مشكلتي أصبحت الآن وهي:
1- تقلب المزاج في اليوم فتكون حالتي مستقرة ليلا وأحب الحياة، وأحب جامعتي، والدراسة، وأضحك وأمزح، وتكون الحوارات النفسية وأحلام اليقظة إيجابية، وأحب الناس، ويكون تفكيري إيجابي على الرغم من الوسواس، وفجأة في منتصف الليل وإلى الصباح يضرب الاكتئاب ضربته الشديدة، حيث أشعر بخنقة في منتصف بلعومي وكأن نفسي ستخرج، وعقلي يشوش، فأكره كل شيء، وأفكر في الانتحار، وأكره كل العالم حتى دراستي، أفكاري تتقلب فجأة، الأفكار التي أحبها أكرهها وكأنني أتحول إلى شخص ثان.

2- تكون حالتي في حالة المزاج الجيد كأني حضرت إلى حفلة وأنا بطلها، أو كأني رئيس الوزراء، أو شخصية مهمة في المجتمع الخ، وفي حالة الاكتئاب أتمنى الموت، وأفكر في الموت، وكيف يدفنوني، وكيف الناس تبكي علي وهكذا، وكأنه شريط سينمائي في دماغي.

3- عندما أتكلم مع أحد، أو أذهب إلى أي مكان أقوم بتغيير الأحداث، وإضافة أشياء ووقائع لا تحدث وكأنني أعيش بشخصيتين.

4- تناولت عدة أدوية وبشكل مستمر، منها: (انافرانيل، واسيتالوبرام، وسيتالوبرام، والفافرين والميرتازابين) لكن بدون جدوى وفائدة.

أرجو تشخيص حالتي وكتابة العلاج المناسب؛ لأن ليس لدي أحد غيركم، ووفقكم الله لهذا العمل الصالح، فهل أعاني من فصام أو غير ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك الصحة والعافية، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

طبعًا لا يمكن أن نصل إلى تشخيص نهائي من خلال هذه الاستشارات أو من خلال استشارة واحدة، لكن المعلومات التي ذكرتها أراها مفيدة، وإن شاء الله تعالى أيضًا نطرح لك بعض الأفكار التي أسأل الله تعالى أن تكون مفيدة بالنسبة لك.

هنالك نوع من التطور والارتقاء يحدث في الأعراض النفسية، كثيرًا من الناس تبدأ حالاتهم بشيء من القلق ثم شيء من الوسوسة، الخوف، وبعد ذلك ينتهي الأمر مثلاً باضطراب الاكتئاب النفسي، وحتى بعض الحالات الشديدة كالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وحتى كمرض الفصام، في بعض الأحيان تكون البداية مجرد قلق وتوتر، وبعد ذلك ينتهي المرض إلى مآلاته النهائية.

أرجو ألَّا تنزعج، أنا ممَّا لاحظته أرى أنه لديك أصلاً درجة عالية نسبيًّا من القلق النفسي، ولا أرى أن هناك أعراض حقيقية للوسواس القهري، هذه الأفكار التي تُهيمن عليك وتُراقبها هذه نشاهدها في حالات القلق النفسي العام، خاصّة حين يكون شديدًا وتكون الأفكار ذات طابع فيه شيء من الهيمنة، وربما طبعًا تأتي للإنسان بعض الاجترارات الوسواسية، بعض أحلام اليقظة، تشوش في الأفكار، تداخل في الأفكار، ... هذه كلها تأت في نطاق القلق النفسي والذي يكون مرتبطًا بالشخصية.

بعد ذلك أنت انتقلت لمرحلة من الواضح أنه لديك تقلُّب في المزاج، تدخل في هذه النوبات القلقية الاكتئابية، وبعد ذلك تتحسّن الأمور وتحس أنك بخير وتتفاعل بصورة جيدة للدرجة التي تقوم فيها بتغيير الأحداث وإضافة أشياء من عندك حين تقابل الآخرين.

فهذا نوع من اضطراب المزاج المتعلق بشخصيتك، وأنا لا أقول أنك تعاني من اضطراب في أبعاد شخصيتك، ربما يكون أصلاً لديك شيء من القلق المتعلق بشخصيتك، شيء من الوسوسة، شيء من تقلُّب المزاج، هذه سمات من سمات الشخصية تظهر في بعض الأحيان في شكل أعراض نفسية.

أنا طبعًا أزعجني قولك أنك تفكر في الانتحار في بعض الأحيان حين تكون في حالة مزاجية سيئة، هذا تفكير قبيح، هذا تفكير يجب حقيقة ألَّا يجد مكانًا في حياتك، أنت شاب، أنت مسلم، أنت لديك أشياء كثيرة جدًّا يمكن أن تقوم بها في هذه الحياة، الله تعالى حباك بطاقات كثيرة، والإنسان حتى وإن تقلَّب مزاجه أو اضطرب لا يعني هذا أبدًا أن يفكّر في إنهاء حياته، فهذه الفكرة في حدِّ ذاتها فكرة سخيفة، ويجب ألَّا تجد مكانًا في حياتك.

من المهم جدًّا ألَّا تُراقب نفسك كثيرًا، مراقبة النفس بالشدة يستثير هذه الأعراض النفسية، ويجعلك تُركّز عليها أكثر، فإذًا شيء من التجاهل مهم، ومن الناحية التشخيصية: طبعًا الأقرب في حالتك هو الاضطراب الوجداني، وهذه الاضطرابات الوجدانية بوتقة كبيرة (قلق، توتر، وسوسة، تقلب في المزاج)، أنا لا أرى أنه لديك أي نوع من أعراض الفصام، وحتى فكَّرتُ في ثنائية القطبية لكن لا أراها واضحة في هذه المرحلة، لكن أعراض القلق وأعراض الاكتئاب موجودة، ولذا أنا أرى أنك أقرب لما يمكن أن نسمّيه بالاضطرابات الوجدانية.

نمط الحياة الإيجابي هو المهم في حالتك، بل يُمثل الركيزة الأساسية والجوهرية في أن تتخلص من هذه الأعراض وتعيش حياةً طيبة وإيجابية.

فإذًا أنت مطالب بالإيجابية في التفكير، الإيجابية في الأفعال والمسلك، الإيجابية في المشاعر، الإيجابية في التواصل الاجتماعي، الإيجابية في العبادة، ... هذه كلها تُمثِّلُ الركائز الأساسية لعلاجك، والأدوية لا أراها جزءًا رئيسيًا في علاجك، لكن لا بأس أن أقترح لك دوائين بسيطين وبجرعات بسيطة جدًّا.

الدواء الأول هو (باروكستين) والذي يُعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) وهناك نوع يُسمَّى (زيروكسات CR) سيكون هو الأفضل، يمكن أن تتناوله بجرعة 12,5 مليجرام فقط، ولا تزيدها، سوف يُساعدك في الخوف والوسوسة والتوترات، ولن يدفعك أبدًا نحو أي نوع من الانشراح الزائد، 12,5 مليجرام تتناولها لمدة ستة أشهر كتجربة علاجية وقائية، وبعد ذلك نرى التطور سوف يكون على أي صورة.

والدواء الثاني اسمه (إرببرازول) أريدك أيضًا أن تتناوله بجرعة صغيرة جدًّا، وهي خمسة مليجرام يوميًا. الإرببرازول أصلاً مضاد للأمراض الذهانية، لكنه مثبتٌ للمزاج، ووجدنا أنه بجرعات صغيرة يُساعد في تثبيت المزاج وتحسين المزاج، والحدِّ من الوسوسة، وهذه طبعًا أدوية سليمة وبسيطة جدًّا، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها، لكن يجب أن تُركز على نمط الحياة وتغييره لتجعله إيجابيًّا كمرتكز أساسي لعلاج حالتك.

وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (2396489 - 2235846 - 2136740 - 2411187).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً