الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالذنب بخصوص أبي المتوفى، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

توفي أبي منذ ثلاث سنوات في ٢٩ من رمضان، وفي سحورنا بالليلة السابقة لوفاته، طلب أبي مني أنه يريدني أن أكتب له عقد هبة لي ولإخوتي، حيث كان يملك أبي بيوتا، وكان يريد أن يهبها لنا، وكنت أرغب وقتها في التوجه إلى النوم، فقلت له إنني سأقوم بكتابته بعد غد، حيث يوم إجازاتي من العمل، وكان في نيتي فعلا القيام بهذا، فأصر أبي أيضا على كتابتها، فقلت له "سأقوم بكتابتها بعد غد" ، توفي أبي في الصباح، ولم يتسن لي الحديث معه، وحتى يومنا هذا أشعر بالندم عما بدر مني، وأتمنى لو أعيدت لي الكرة لإصلاح ما قمت به، أنا أقوم بالدعاء لأبي كل يوم وكل ليلة، وأخرج عنه الصدقات، ولكني ما زالت أشعر بالذنب الشديد، فماذا ترون في هذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ورحم الله والدك رحمة واسعة، ورحم أمواتنا وأموات المسلمين، ورزقنا بِرّ الآباء والأمهات في حياتهم وبعد مماتهم، ونبشِّرُك بأن البر مستمر، فأكثري له من الدعاء والصدقة وفعل الطاعات وكثرة الاستغفار له وصلة الأرحام التي لا تُوصلُ إلَّا به، في صورٍ من صلة الرحم التي تنفع للإنسان بعد مماته والتي علَّمنا إيَّاها صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: نشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وهذا الحرص على الخير، وهذا الإحساس الجميل، ولكن نُحبُّ أن نبيِّن لك أنه ليس هناك داع للحزن، فأنت لا تعلمين الغيب، والكون هذا ملْكٌ لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله، بل ربما كان الخير في عدم كتابة هذه الهبة التي ربما يُحرم بسببها بعض أفراد الأسرة من حقوقهم، نحن لا ندري لماذا فكّر الوالد في هبة هذه الأشياء، ويبدو أيضًا أنه كان في لحظات مرض، لا ندري، ولكن لعلَّ الخير في هذا الذي حدث.

فلا ذنب عليك، وأنت لم تفعلي شيئًا حتى تندمي من أجله، والأمر بيد الله تبارك وتعالى، وخطوب الغيب محجوبة عنَّا جميعًا، فأكثري من الدعاء للوالد، وبعد ذلك من ممتلكات الوالد ينبغي أن يُسلك بها السبيل الشرعي، تُقسّم وُفق نظام الميراث الذي جاءت بها هذه الشريعة، وفي ذلك الخير، وفي ذلك البركة، ونسأل الله أن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين.

أكرر: لا تتأثري بما حصل، فأنت لم تكوني تعلمين أن الأمور تمضي بهذه الطريقة، ولكن هذه هي الآجال، فنسأل الله أن يُحسن خاتمتنا، وأن يُحسن خلاصنا، وأن يختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً