الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاعر الخوف والقلق والتغرب تعكر صفو حياتي واستقراري

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبلغ من العمر19 سنة، عشت طفولة طبيعية رغم معاناتي من الخوف والقلق، ولم أتأثر، وفي يوم من الأيام حينما بلغت 12 سنة شعرت بشعور غريب، ترافقت معه أفكار مثل لماذا لست سعيدا ولا أفرح كباقي الأولاد؟ هل نزعت الفرحة من قلبي؟ وترافقت هذه الأمور مع خوف شديد وقلق، حينها ذهبت لوالدي وعانقته وأنا أتساءل ماذا بي؟ ما هذه والأفكار؟ ولم أنم بعدها لمدة أسبوعين.

بدأت في التخلص من هذه الأفكار بعد سبعة أشهر ونسيانها، لكنها كانت تأتي بقوة، وصرت أهلوس في أمور أخرى، لم أستطع التخلص من ألمها نهائيا، وفي إحدى الليالي أحسست بأن نفسي توقف، أصبت بحالة هلع، وأخذني أبي إلى المستشفى، وظهر أنها نوبة ربو عادية.

عانيت من تلك الحالة ومن الوساوس المرضية والخوف في كل وقت لمدة عام، وأنا أسكن في الريف وأحب العزلة، ولا أرتاح عندما أكون مع الناس.

والآن بلغت 19 سنة، وأخطأت عندما كسرت زجاج سيارة كان يحرسها والدي، وكاد أبي أن يفقد وظيفته بذلك الفعل، ودفعني إلى تفكير شديد جدا وقلق وخوف لمدة أسبوعين، وفجأة عندما كنت نائما تغير كل تفكيري، وحل مكانه شعور غريب، شعور بأني فاقد كل أحاسيسي، وأني لا أشعر بالواقع بشكل جيد.

أفيدوني، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Bachir حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

بداياتك كانت هي شعورك بالخوف والتوتر في مراحل اليفاعة وما بعدها، بعد ذلك أصبحت تأتيك أفكار وسواسية، هذا النوع من الأعراض في هذه المرحلة الحياتية أمر طبيعي جدًّا، كثير من الناس يمرُّون بهذه التغيرات، وغالبًا لا تستمر طويلاً.

الآن معظم شكواك تتمركز حول الشعور بالقلق وبالخوف، وتحس أنك غير آمن وغير مطمئن، وأيضًا لديك بعض أحاسيس ما نسمّيه (الشعور باضطراب الأنية)، أو (التغرُّب عن الذات)، وهو جزء من القلق النفسي.

فمجمل القول أنك تعاني من قلق نفسي مع شيء من المخاوف، وحقيقةً الشيء الذي لم أفهمه هو لماذا قمت بتكسير زجاج السيارة؟ هل كان هناك تفاعل ظرفيّ انفعاليّ أم شيء غير هذا؟! .. عمومًا: أرجو ألَّا تتكرر مثل هذه التصرفات، ولابد للإنسان أن يضبط مشاعره، وأن يسعى دائمًا لما فيه الخير والسلوك الحميد.

أيها الفاضل الكريم: أنت الآن من المفترض أن تكون في مرحلة دراسية، والتعليم أمره مهم وضروري جدًّا، فأرجو أن تفكّر في الالتحاق بمرفق تعليمي، وفرص التعليم متاحة، إن لم يكن تعليمًا أكاديميًّا يمكن أن يكون تعليمًا فنِّيًّا، فهذا فيه فائدة كبيرة لك، تطوير المهارات وتطوير المعارف يكون من خلال التعليم، فلا تترك نفسك بدون تعليم.

ومن الأشياء الضرورية أيضًا هي تنظيم الوقت، أن تتجنب السهر، أن تستيقظ مبكِّرًا حين تنام مبكِّرًا، تُصلّي صلاة الفجر في وقتها، تبدأ يومك بكل أمانٍ وطمأنينة ونشاط، وهذا سوف يُحسّن التركيز كثيرًا، النوم الليلي المبكّر يرفع من درجة تحسين التركيز بصورة ملحوظة عند الإنسان.

أيضًا مارس رياضة مع الشباب في منطقتك، مثلاً لعب كرة القدم، المشي، الجري، هذا كلُّه يمتص طاقات القلق السلبية، كن قريبًا من والديك، وكن بارًّا بهما، واسع دائمًا أن تكون شخصًا فعَّالاً في الأسرة ونافعًا، التوازن النفسي يأتي من خلال التوازن في التصرفات وفي الأفكار وفي المشاعر وفي السلوك وفي الأفعال، والإنسان حباه الله تعالى بطاقات عظيمة ليُغيّر نفسه، حين تكون هنالك ممارسات سلبية لابد أن يلتفت لها الإنسان ويُغيّر نفسه، {إن الله لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم}، فإذًا عملية التطوّر والتغيير لما هو أفضل هي بأيدينا.

عليك بالصحبة الطيبة، هذا أيضًا فيه دافع نفسي إيجابي بالنسبة لك، اجعل لحياتك أهدافا سامية تسعى لتحقيقها، وهذا سوف يشعرك بما نسمّيه بالذاتية الإيجابية، أي أن تشعر أن لديك قيمة، وهذا يُقلِّلُ من القلق ومن التوتر.

أنت لست بحاجة لعلاج دوائي بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً