الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني الصغير يرغب أن يحضر مع أبيه صلاة الجمعة

السؤال

السلام عليكم

زوجي يخرج يوم الجمعة الساعة ٩ صباحاً أو قبلها، للصلاة وحجز موقع في الصف الأول، ولكن ولدنا وهو بعمر ٦ سنين كل جمعة يبكي ويترجاه ليأخذه ويصلي معه، لكنه يرفض ويوبخه لأنه طفل، والطفل يمل ويضيق من الجلوس ٤ ساعات في الجامع.

ما هو الحل؟ وهل ما يفعله زوجي صحيح بترك ولدنا وعدم اصطحابه؟ وهل خروجه مبكراً شيء صحيح؟ وهل يوجد أولويات لتحمل مسؤولية طفل وتربيته وتنشئته على الإسلام؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكم هذا التميُّز الأسري، ونسأل الله أن يُصلح لنا ولكم النية والذُّرِّيَّة، وأن يقرَّ أعيُننا بصلاح الأبناء وصلاتهم، وردِّدوا دعاء الخليل: {رب اجعلني مُقيم الصلاة ومن ذُرِّيتي ربنا وتقبَّل دعاء}، أسأل الله أن يُبارك فيكم جميعًا، وشكر الله لهذا الزوج الحريص على أن يُبكِّرَ إلى صلاة الجمعة، فهذا هو الأصل الذي دَرَجَتْ عليه الأُمَّة، بل كان من السلف يذهب في وقتٍ أبدر من هذا الوقت المذكور، بل وُجد في سلف الأمَّة مَن كان إذا صلَّى الفجر لا يرجع إلى بيته حتى يُصلّي الجمعة.

نسأل الله أن يُعيننا على تعظيم هذا اليوم الذي هو عيدٌ من أعيادنا أهل الإسلام، وهو عيدٌ يتكرَّر، وهو الذي أكرم الله تبارك وتعالى به الأُمَّة، يوم الجمعة.

سعدنا أيضًا برغبتك في أن يكون الطفل مع والده، وفرحنا لرغبة الطفل في أن يكون معه أيضًا في بيت الله تبارك وتعالى، لكن مع الوضع المذكور فعلاً يصعب أن ينتظم الطفل أو يحتمل هذا الوقت الطويل دون مشاغبة، دون حاجة للذهاب إلى دورة المياه، دون حاجة إلى الطعام، فالساعات طويلة.

لذلك نتمنَّى أن يكون التدريب في غير يوم الجمعة، في الصلوات الأخرى يأخذه إذا كان مميَّزًا لا يُزعج المصلين، وعليه أن يجعل النوافل في البيت، فإن أطفالنا يتربُّون عندما نجعل بيوتنا محرابًا للصلاة، وهذا ما تُريده الشريعة التي فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل صلاة الرجل في بيته إلَّا المكتوبة)، مع أن الإنسان في بيته قد ينزعج، ولكن الشريعة تُريد هذا لينشأ الأبناء والبنات، وقد شاهدوا الركوع والسجود من الآباء والأمهات، فنسأل الله أن يبارك فيكم.

إذا كان هناك حلّ آخر يمكن أن يُقترح، وهو أن تذهبي به في اللحظات الأخيرة، يعني قبل صعود الإمام إذا كان هناك مجال وكان من السهولة أن يصل إلى والده ليكون إلى جواره، في هذه الحالة يمكن أن يصبر هذا الوقت القليل، ولكن أرجو ألَّا تنزعجوا إذا أصرَّ على الذهاب في بعض الصلوات أو في كل الصلوات الأخرى، أمَّا يوم الجمعة على الترتيب المذكور فالأمر يصعب، إلَّا إذا راعينا هذا الذي أشرنا إليه، فإن الطفل الذي عمره ست سنوات يصعب عليه أن يصبر حتى ربع ساعة، فكيف يصبر هذه الساعات الطويلة؟!

لذلك نحن نريد أن نقول: خروجه مبكِّرًا صحيح جدًّا، وأيضًا حرصك على أن يكون الابن مع والده في الصلاة صحيح جدًّا، ولكن في أمر الجمعة على الوضع المذكور لا ننصح باصطحاب هذا الطفل إلى المسجد، وأرجو أن يكون التدريب في بقية الصلوات الخمس، وفي سائر أيام الأسبوع، وتنشئة الطفل على الإسلام إنما تكون بتربيته على هذه المعاني الجميلة وعلى آداب هذا الدين.

نسأل الله أن يُصلح لنا ولكم النيّة والذُّريّة، وأختمُ بالتعبير عن سعادتي بهذا السؤال الذي يدلُّ على حرصٍ منك ومن زوجك، وأيضًا انعكس هذا على رغبة الطفل في أن يكون مع والده، أرجو أن يقنعه، وأن تصلوا إلى الحل المناسب، وإذا كان الأمر متعذّر فعليكم أن تُخبروا الطفل وتُبرِّروا له تصرُّف الوالد في هذا اليوم، لأن الأمر يصعب عليه طول الانتظار، وإذا كان له عمٌّ أو خالٌ يُجاوركم يذهبُ متأخِّرًا فلا مانع من أن يذهب الطفل مع عمِّه أو خاله يوم الجمعة في وقت متأخر، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً