الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلم الدين من أجل الدنيا والآخرة هل فيه إشكال؟

السؤال

السلام عليكم..

شيخي أولا: أشكركم على الجواب السابق فقد أقنعني جدا.

ثانيا: أردت أن أعلم هل يجوز تعلم الدين للدنيا والآخرة؟ لأني إذا أردت أن أعيش هذا الحياة كما يريد ربي لا بد لي من تعلم الدين.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abraham حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ولدنا الحبيب – مُجددًا في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك دوام تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى لك المزيد من الخير والإعانة على إخلاص العمل لوجه الله تعالى.

وأمَّا ما سألت عنه في هذا السؤال الجديد من: هل يجوز أن يتعلَّم الإنسان الدِّين لطلب الدنيا والآخرة؟ فالجواب أن ذلك جائز – أيها الحبيب – فإن المسلم من شأنه أن يطلب الدنيا والآخرة، قال تعالى: {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}، وإن كان الأفضل في العبادات والطاعات أن يُجرّد الإنسان قصده للآخرة، وما يُقصدُ في الدنيا فإنه سيحصلُ، والله سبحانه وتعالى يقول: {من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة}.

ولكن مَن تعلَّم العلوم الدينية وهو يبتغي بها منفعة الدنيا ومنفعة الآخرة فإنه غير مذموم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) كما في سنن ماجه.

وقد حصر النبي - صلى الله عليه وسلّم – الذمّ لمن لم يقصد بعلمه إلَّا الدُّنيا، فقال: (لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا).

أمَّا من طلب بعلمه رضا الله تعالى وله نوع ميل إلى الدنيا فليس داخل في هذا الوعيد، كما العلَّامة الطيبي – رحمه الله تعالى – في شرحه لهذا الحديث، قال: «مَنْ تَعَلَّمَ لِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى مَعَ إِصَابَةِ الْعَرَضِ الدُّنْيَوِيِّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَعِيدِ لِأَنَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى يَأْبَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَتْبُوعًا، وَيَكُونَ الْعَرَضُ تَابِعًا».

وبهذا يتبيَّن لك – أيها الحبيب – أنه لا حرج على الإنسان في أن يقصد الدنيا والآخرة، وإن كان الثواب يتفاوت بحسب قصد الإنسان، كما قرَّر هذا الإمام الغزالي – رحمه الله تعالى – وغيرُه، لأن الثواب بحسب الباعث أو بقدر الباعث، فإن كان الباعث على الدنيا هو الأغلب لم يُثب، وإن كان الباعث على الآخرة هو الأغلب أُثيب، وبعض العلماء يرى بأن الثواب يحصلُ بقدر الباعث قلَّ أو كَثُر.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإيّاك لكلِّ خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً