الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اليأس بسبب التخصص الدراسي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ سنتين كنت شخصاً بشوشاً صاحب طاقة إيجابية، لي شغف وقدرة كبيرة على التعلم والابتكار، وذو درجات متفوقة، لكن بعد اختيار التخصص الجامعي انقلب كل شيء رأساً على عقب.

فوجئت بنظام تعليمي يحطم القدرات الابتكارية على حساب التعلم النظري، يليه إلغاء إمكانية تغيير الاختصاص، والسبب هو تخفيض فجائي في طاقة استيعاب الطلبة في الجامعات العمومية، وارتفاع عدد الجامعات الخاصة بشكل رهيب، وأنه لا يحق لي التفكير أبداً في تغيير الاختصاص في الجامعات العمومية.

الفرصة الوحيدة هي الدراسة في الجامعات الخاصة، وبأسعار مرتفعة، كنت ممن يعارضون هذه الخصوصية، ويدعون إلى تحسين الجامعات العمومية، لضمان أكثر قدر من المساواة بين مختلف فئات الطلبة.

أنا من ذوي الظروف المادية السيئة في بلد قوامه المادة، وتتضاعف فيه الأسعار بصفة خيالية، حيث أن كلغ من الدقيق أغلى من روح بشرية، وبعد التراكم الفجائي لعدة أسباب منها ما ذكرته سابقاً والطعن في الظهر ممن وثقت بهم، وبعض المشاكل العائلية المادية، بوتيرة سريعة، أصبحت أكره نفسي، فأنا من قمت باختيار التخصص بدون إلزام من أحد بل بكامل إرادتي، صرت كومة من اليأس، والمشاعر السلبية!

كنت أزن 68 كغ، وصرت أزن في حدود 53 كغ، انقطعت شهيتي للأكل، فعلى مدى يومين متتاليين لا آكل شيئاً سوى شرب بعض الماء، وكنت أتمنى أن أختفي من الدنيا، لكن -الحمد لله- أن جسدي وعقلي الباطني يعارضون هذه الأفكار بصفة لا إرادية، ويلغونها، على الرغم من كل هذا كنت متفوقا في الدراسة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يامن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

لقد شعرت أنك تلبس نظارة سوداء قاتمة السواد حيال نظرتك للحياة، لكنني فوجئت في نهاية رسالتك تقول بأنك رغم كل ذلك متفوق دراسيا!

هذا إن دل على شيء فإنما يدل على (صلابتك النفسية) وأنه يمكنك تحمل الضغوط الحياتية القاسية، وهذه صفة إيجابية يمكنك البناء عليها لمواصلة مشوار حياتك، واستعادة طاقتك الإيجابية التي حجبتها سحابة صيف عابرة، يوشك أن تزول قريبا.

أخي الكريم: لا داعي لجلد ذاتك، يكفيها سياط الحياة الرهيبة، فلا تكن أنت والحياة عوناً على نفسك، سامح نفسك، واعتبر أن ما قمت به كان قدراً مقدوراً، حصل لك لحكمة لا تعلمها أنت حالياً، وإنما يعلمها الله، وربما تعلمها مستقبلاً، عندما ينقشع غبار اليأس، لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا اللوم الذاتي فقال: (إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم.

ندعوك لإعادة النظر في تخصصك، فربما تتكيف معه، وربما تكتشف فيه إيجابيات كنت غافلاً عنها.

هل مر بك نوع من الطعام لم تكن تحبه وصرت تحبه بعد ذلك؟ الموضوع هنا في شهية التخصص شبيه بشهية الطعام، مع التعود عليه ستحبه وتبدع فيه، لا سيما أنه لم يكن لديك رفض نفسي كبير بداية دخوله، مما يعني أنه ليس لك موقف نفسي رافض مسبق لهذا التخصص، وإنما مجرد انطباعات تكونت لاحقاً، يمكن إعادة النظر فيها مرة أخرى.

بخصوص الظروف المادية الصعبة هي أقدار تمر بالإنسان كذلك، ولا يعني هذا الاستسلام لها، بل يسعى الإنسان لتحسين مستواه المادي بالوسائل المشروعة قدر المستطاع، وفي ذات الوقت لا يحزن على ما فاته من الدنيا.

لعلك تعيش حالياً مشاعر غضب سلبية، لذلك عليك تعلم مهارة إدارة انفعالاتك، وهناك الكثير من المقاطع التعليمية على النت لا سيما على اليوتيوب، يمكن أن تساهم في تحسين وضعك النفسي كثيراً.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً