الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بثقل الطاعات بسبب كثرة الوساوس والمشاعر السلبية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: أشكركم كثيراً على ردكم على استشارتي السابقة.

سآخذ بنصيحتكم ولكن في البداية أود أن أعرف رأيكم بخصوص الحجامة، هل ستكون مفيدة لحالتي؟

ثانيا: كنت أفعل طاعاتي وأنتظرها بفارغ الصبر، حتى أدعو الله وأتضرع إليه، نعم كنت لا أشعر بلذة الطاعة، ولكن كنت أنتظرها، وكنت أشعر أنها ملجئي الوحيد.

الآن لا أشعر بهذا الشعور، أشعر بثقل الطاعات بسبب كثرة الوساوس، بدأت أشعر أن الله غاضب مني، أو أنني سيئة، لذلك أشعر بشعور الثقل هذا، منذ أن قرأت عن السخط أنه مؤد إلى الكفر، وهو دائماً يأتيني في قلبي أن الله سخط علي!

أود أن أصرف ذهني، وأغضب كثيراً من نفسي، وأقول: اللهم لا اعتراض، والحمد لله، وصارت حالتي طول اليوم بكاء وخنقة، وضيقا حتى بدون وجود وساوس.

أحيانا تأتيني نوبات بكاء هيستيري لا مبرر لها. كرهت نفسي، وأود أن أطلع علي أشياء يمكن أن تساعدني في علم النفس والصحة النفسية وأشياء مثل هذه ولكن بمجرد ان قرأت عناوين الكتب أحسست أني سيئة أكثر، حيث إني أقول: هذه الأفكار مني لذلك أبحث عن علاج لهذه الأفكار، إذا لم تكن هذه أفكاري، فلماذا تشغلين ذهنك بها؟ دعيها تمر مرور الكرام إذن، لكن ولأنك تبحثين عن حل لحالتك، فأنت تثبتين لنفسك الآن أنك سيئة، وهذه حقيقتك، وأن الله غير راض عنك لأنك تقومين بالبحث عن حل؛ فأعيش في الدوامة من جديد! أنا سيئة وهذه الأفكار نابعة مني أنا، ثم بعدها أتراجع عن قراءة هذه الكتب.

إذن من هنا إلى ذهابي للطبيبة؛ كيف لي أن أتخلص من كم المشاعر السلبية هذه؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Loaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والثناء على الموقع، ونتمنّى أن تُنفّذي ما طُلب منك في الاستشارة الماضية، ونحن أيضًا نسأل الله تبارك وتعالى أن يجلب لك السكينة والطمأنينة، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يُعينك على معاندة ومخالفة عدوّنا الشيطان، فإن ربَّنا العظيم أخبرنا فقال: {إن الشيطان لكم عدوٌّ} ثم وجَّهنا فقال: {فاتخذوه عدوًّا}، فخالفي هذه الوساوس، وخالفي هذه المشاعر السالبة، إذا كانت الوساوس – كما قلنا – متعلِّقة بالذات الإلهية فذاك صريح الإيمان، والحمد لله الذي ردَّ كيد الشيطان إلى الوسوسة.

تعوّذي بالله من الشيطان، وردِّدي (آمنت بالله)، ثم انصرفي إلى عملٍ آخر، إلى زيارة خالة، إلى الذهاب إلى المطبخ، إلى أي عملٍ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولينته)، بمعنى نقطع هذه الأفكار المتواترة المتسلسلة التي همُّ الشيطان فيها أن يُحزن أهل الإيمان، ولكن ولله الحمد {وليس بضارِّهم شيئًا}، لأن الله لا يُحاسبنا، لأن الله لا يُعاقبنا، لأن الله لا يسألُنا عن مثل هذه الوساوس مهما بلغت، والصحابي يقول: (زوال السماوات أحب من أن أتكلَّم به) يعني بالذي في نفسه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ذاك صريح الإيمان)، وفعلاً هذه الوساوس لا يأتي بها الشيطان إلَّا لمن يُريد الخير كاملاً، إلَّا لمن يشتاق إلى الطاعات، إلَّا لمن يريد الطاعة صحيحة مائة بالمائة، ولذلك هو يأتي لأمثال هؤلاء ليصل بهم إلى درجة يكرهوا بها الطاعات.

فتعوّذي بالله من شيطانٍ لا يريد لك الخير، ولا ننصح بقراءة الكتب النفسية، ولا ننصح بالسير في هذا الاتجاه، وبالتالي كل ما يأتيك من الشيطان خالفيه، كل ما يطلبه منك اعملي عكسه، إذا قال لك (الوضوء ناقص) لا تعبئي بقوله وصلِّي بهذا الوضوء، إذا قال لك (أنت لستِ مؤمنة) قولي: (الحمد لله أنا مؤمنة بالله، آمنتُ بالله) وامضي، لا تلتفتي لمثل هذه الأمور، فإن الذي ابتلاك وجاءك بهذه الأشياء هو الذي يقول: {لا يُكلِّفُ الله نفسًا إلَّا وسعها}، سبحانه هو الذي يقول: {لا يكلِّف الله نفسًا إلَّا ما آتاها}، جل وعلا هو الذي يقول: {فاتقوا الله ما استطعتم}، فهذا أمرٌ خارجٌ عن إرادتك، فلا تُفكّري فيه، ولا تقفي عنده طويلاً، ولا تحزني، ولا تستمري في هذه المشاعر السالبة المتسلسلة، ولكن اقطعيها بعملٍ إيجابيٍّ، اقطعيها بالجلوس مع الوالد، أو مع الوالدة، بزيارة صديقة، بالدخول إلى موقعك لقراءة أشياء مفيدة، وتجنّبي طاعته في مثل هذه الأمور، واعلمي أنك إذا أغلقت عليه الباب بالإهمال وبالتعوّذ بالله من الشيطان، وبالاشتغال بما هو مفيد، سيفتح عليك أبوابا أخرى، فكرِّري نفس المنهاج، فأكبر علاج للوسوسة يكون بإهمالها، وأكبر علاج للوسوسة يكون بشعور المؤمنة – وشعور المؤمن – أن الله لا يُحاسبه، وأن هذا ممَّا عفا الله تبارك وتعالى عنه، وأن هذا ممَّا لا يُسأل عنه بين يدي الله، وهذا من أكبر ما يُخفّف عن الإنسان ما يجده من الآلام.

لا ننصح بقراءة كتب الطب النفسي وحدك، أو الدخول إلى هذا العلم وحدك، ولكن ندعوك إلى الإكثار من الذّكر والدعاء وتلاوة القرآن، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وننصحك بأن تتجنّبي الوحدة؛ لأن الشيطان مع الواحد، فأشغلي نفسك بكل عملٍ مفيد، وكوني خادمة لوالديك – إن كانوا موجودين – فاعلةً للخير، وكوني عونًا للناس ليكون العظيم في حاجتك وعونك.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً