الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت سيرة الموت بالنسبة لي هاجساً مخيفاً

السؤال

السلام عليكم.

كنت طبيعية جداً، وأركب مواصلات وأروح الكلية أدرس، ولكن في شخص أعرفه لا يقرب لي عمل حادثاً، وحزنا كلنا عليه، وانتهى، ومن وقتها وأنا لا أستطيع ركوب المواصلات، وبمجرد ما أركب كأنه سيعمل حادثاً وأصرخ وأبكي داخل العربية، وكل ما عرف أن شخصاً توفي بالحادث خوفي يزيد أكثر، وأعرف كل الكلام، وأن هذا قدر، ولكن أول ما أدخل العربية -السيارة- لا أستطيع تمالك نفسي.

الجزء الثاني، أصبحت سيرة الموت بالنسبة لي هاجساً مخيفاً، رغم إيماني وتديني أول ما أنام بالليل من كثرة حالات الوفاة، أفكر أني سأموت الآن، وأخاف وأبقى لا أستطيع التنفس كأني سأقبض الآن وأسهر كثيراً بسبب هذا الموضوع.

الموضوع هذا أكثر شيء بالليل لما أنام، أما بالنهار فهو أخف، يعني لا أعرف ما ذا أعمل؟ أفيدوني، فأنا متعبة جداً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ghada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يرزقك الطمأنينة، وأن يُصلح الأحوال.

لا يخفى عليك أن الإنسان ينبغي أن يُدرك أن هذا الكون ملْكٌ لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله، وأنه لا يضر ولا ينفع إلَّا الله، والمؤمن يتذكّر الموت فيتوب من ذنوبه، ويُواظب على صلاته، ويُصلح ما بينه وبين الله تبارك وتعالى، وإذا فعل الإنسان ذلك واستعدَّ للقاء الله تبارك وتعالى فإنه لن يُبالي متى ما جاءه الموت، وهذا هو الجانب المهم، فكلُّ الناس يُوقن أنه لابد أن يأتي اليوم الذي يموت فيه، وليست هذه هي القضية، لكن القضية على أي خاتمةٍ سنمضي؟

لذلك أتمنى أن يتحول هذا القلق من الموت إلى عمل، ويتحول إلى اجتهاد في التوبة، واجتهاد فيما يُقرِّبُ إلى الله تبارك وتعالى.

اعلمي أيضًا أن الشيطان يتخذ مثل هذه المداخل من أجل أن يُشوش عليك، فخالفي عدوّنا الشيطان، وإذا جاءتك مثل هذه الخواطر فاجتهدي في ذكر الله تبارك وتعالى والإنابة إليه والحرص على طاعته، ومراجعة النفس، ومحاسبتها، التي تُوصِلُ بعد ذلك إلى التوبة النصوح لله تبارك وتعالى.

أنت تعلمين أن ملايين الناس – أو مليارات البشر - في كل يوم يركبون هذه السيارات والطيارات على وجه الأرض، ولكن لا يموت إلَّا من حان وجاء أجله، ولا يموت إلَّا القليل من الناس.

لذلك أرجو أن تطردي هذه الفكرة جملة وتفصيلاً، واحرصي دائمًا على تحصين نفسك بالأذكار في الصباح وفي المساء، وقبل النوم، وعند الاستيقاظ وعند الخروج والدخول، واحرصي دائمًا على أن تكوني ذاكرة لله تبارك وتعالى، فإن هذا يطرد عنك الشيطان وهذه الوساوس.

لا مانع من عرض نفسك على طبيبة مختصة، ولا نُؤيّد فكرة الاستعجال بأخذ الدواء، ولكن حتى تُصحح عندك المفاهيم، وحتى تُصحح عندك هذه الأفكار، ولو أننا فكّرنا بهذه الطريقة لما استطاع إنسان أن يعيش، صحيح المسلم مُطالب بأن يتذكّر هاذم اللذات، ولكن التذكُّر الإيجابي الذي يدفع للمزيد من العمل الصالح ومزيد من الطاعة ومزيد من المراجعة للنفس، فتذكُّر الموت ظاهرة صحية لأهل الإيمان، لأنه يُنبِّههم ويتداركون أخطاءهم وخللهم.

كما أنه ظاهرة غير صحيّة ومؤلمة لأعداء الدّين، لأنهم يشعرون أنهم سيخرجون من هذه الدنيا التي هي جنّتهم.

أمَّا نحن المسلمين فالدنيا بالنسبة لنا سجن، وجنّة المؤمن إنما هي في الآخرة عند الله تبارك وتعالى، والكافر جنّته في الدنيا، لذلك يخاف من فراقها، ويودُّ أحدهم لو يُعمّر ألف سنة، وما هو بمزحزحه من العذاب أن يُعمّر.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُطيل عمرك وأعمارنا في طاعته، وأن يُعيننا على ذكِره وحُسن عبادته، وأنت -ولله الحمد- في مرحلة الشباب، وفرص الحياة أمامك كبيرة، فانظري إلى الحياة والمستقبل بتفاؤل وأملٍ جديدٍ، وبثقةٍ في ربِّنا المجيد سبحانه وتعالى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً