الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع مريض الفصام؟

السؤال

السلام عليكم

كيف نتأكد أن الشخص مريض بالفصام ليبدأ العلاج الذي يحتاجه بسرعة؟ وهل مريض الفصام يجب أن يأخذ الدواء وما أضراره؟ وكيف علاجه؟ وما طرق منع انتكاسته؟ وما مدى أهليته وعقله وتكليفه؟

هل مثلا هو مأمور بالصلاة، وكيف أتعامل معه؟ وما الذي تنصحونني به عامة؟ علما أنه من أهلي المقربين، فما الذي علي أن أتجنبه معه، كاللوم مثلا، وما الذي أقدمه له؟ وما الذي أتوقعه منه، وأعلم أنه ليس بيده، وأصبر عليه، أي أعراضه؟

حاولت إقناعه بالعلاج لأنه لا يهتم، مع أنه هو من طلب كثيرا أن يعرض على أطباء نفسيين؛ لأنه يشعر أنه مريض، ولم يكن الفصام بباله، لكن شخصه دكتوران من أول مقابلة، ومع اقتناعه بتشخيصهم يقول ليس لديه مشكلة عنده، وقال كلمة غريبة: (ولو أصبت بسرطان فإنني لا أبالي بذلك) ماذا أفعل؟

وهو الآن في الثانوية العامة، فوقعنا في حيرة هل يجب ألا نحثه ونهتم بأن يذاكر لكي لا نضغط عليه؟ هو ليس عنده التزام في المذاكرة، ولا نعلم إن كان يجب أن نجعله يترك الدراسة بالكلية ويعيد السنة.

أريد أن أعرف كيف ألعب أفضل دور لأساعد في شفائه؟ وهذا أهم جزء من سؤالي وجزاكم الله خيراً.

هل من يشك أنه مريض بالاكتئاب والوسواس القهري عليه أن يذهب للطبيب، أم يمكن أن ينتظر حتى يتأكد أو يشعر بتأثير المرض؟ وهل يمكن أن يتحسن من تلقاء نفسه، أو ببذل الجهد مع نفسه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر هذا الأخ، والذي أسأل الله له العافية.

أيها -الفاضل الكريم-: مرض الفصام ليس مرضًا واحدًا، إنما توجد فصاميات، ولكلٍّ معاييره التشخصية، ولذا يجب أن يكون تشخيص مرض الفصام عن طريق الأطباء المقتدرين، لأنه مرض أساسي ومرض رئيسي، ويتطلب خُطة علاجية مكثّفة وواضحة، وتتطلب المتابعة.

هذا الأخ -حفظه الله وعافاه- كما تفضلتَ قابل طبيبين وقد قالا إنه يعاني من مرض الفصام، والمريض بالفعل لا يُبالي، لأن الفصام من الأمراض التي تُفقد الإنسان البصيرة والارتباط بالواقع، ولكن بعد أن يتناول العلاج قطعًا سوف يكون مستبصرًا ويرتبط بالواقع.

من المهم جدًّا أن يكون هنالك تدخُّل علاجي مبكِّر، هذه النقطة الجوهرية، إذا تركنا المرض يستشري وطُبق على الإنسان هنا قد تكون فرص الشفاء قليلة جدًّا، لكن إذا كان هنالك تدخُّل علاجيّ مبكِّر وهنالك التزام بتناول العلاج، والدواء في علاج مرض الفصام يُمثّل خمسة وسبعين (75%) من المتطلبات العلاجية، بقية الأشياء المساندة الحياتية والبيئية وخلافه لها دورها، لكن ليست أكثر من خمسة وعشرين بالمائة (25%).

فمرض الفصام مرض مرتبط ارتباطًا مباشرًا بالموصّلات العصبية في الدماغ، يحدث لها نوع من الاضطراب، لا تُعرف كينونته أو تفاصيله بدقة، لكن -الحمد لله تعالى- الآن توجد أدوية فاعلة جدًّا.

فيا -أيها الفاضل الكريم-: هذا الأخ تذهب به إلى الطبيب، وسوف يبدأ العلاج، وإن رفض العلاج هنالك نوع من الإبر التي يمكن أن تُعطى مرة في الأسبوع، أو مرة كل أسبوعين، أو مرة كل شهر، لكن من الواضح أنه ليس بالمريض الصعب الذي سوف يرفض.

وحقيقة معاملته تكون معاملة قائمة على الود وعلى التقدير وعلى مراعاته، وأن نشجّعه، وألَّا نتكلم كثيرًا عن مرضه.

هؤلاء المرضى من الأشياء السلبية لديهم هي الانسحاب الاجتماعي، وأنهم لا يهتمّون بصحتهم ونظافتهم الشخصية، يجب أن نحثه على ذلك، يجب ألَّا يكون مُهمَّشًا، أن نستشيره مثلاً في بعض الأمور البسيطة. هذا يعطيه حقيقة شعورًا كبيرًا جدًّا بالإيجابية وبالنفع.

وأنا أعرف مرضى فصام يعيشون حياة طبيعية جدًّا الآن، منهم مَن هو في عمله، ومنهم من يعيش حياة زوجية معقولة جدًّا، وهكذا.

ومريض الفصام حين يستدرك وترجع له بصيرته ويكون مرتبطًا بالواقع يجب على الطبيب أن يشرح له المرض بكل تفاصيله، هذه هي المنهجية الصحيحة، الآن نحن لا نؤيد أبدًا أن تُخفى المعلومات والحقائق عن الناس، والإنسان حين يسترجع عقله سوف يقبل، وسوف يهتمّ أكثر بعلاجه.

فهذه هي الأشياء الضرورية جدًّا، المهم هو التدخّل الطبي المبكّر، وعدم تأخير العلاج، والانتظام في العلاج، -وإن شاء الله تعالى- هذا الشاب يستطيع أن يُواصل دراسته، لا نتأخّر أبدًا في حالته لأنه صغير في السّنِّ، هذا أيضًا عامل آخر يجب أن يُشجّعنا على أن نذهب به إلى الطبيب وأن يبدأ العلاج، لأن مرض الفصام حقيقة حين يأتي في سِنٍّ مبكّرة يحتاج لجُهد علاجي أكبر.

فهذا هو الذي أنصح به، أمَّا سؤالك: هل إذا شك المريض في مرضٍ يذهب إلى الطبيب؟ طبعًا هذا أفضل ولا شك في ذلك، ونحن حقيقة لا نُشجّع الناس أبدًا أن يُشخّصوا أنفسهم، لا، التشخيص يجب أن يكون عن طريق الأطباء، وهنالك بعض الحالات الخفيفة طبعًا تُعالج تلقائيًا وتنتهي، لكن هنالك حالات مثل الاكتئاب، مثل مرض الفصام قد تبدأ ببطء شديد وتأخذ وقتًا طويلاً للتطور، وفي مثل هذه الحالات وغيرها الاستشارة مهمّة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً