الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبات الهلع والوسواس، فهل يكفي العلاج السلوكي؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ سنة أصبت فجأة بإحساس غريب، وظننت أنني سأموت، وجاءتني أعراض غريبة، وصرت أخاف من ذكر الموت والدخول للمستشفى ورؤية المرضى، بعد فترة اكتشفت أنني أصبت بنوبة هلع، لكن بعد ذلك أصبحت أخاف من كل شيء، وفكرة وراء فكرة، مرة أخاف أن أصاب بالتصلب اللويحي، ومرة أخاف أن أصاب بالأمراض العقلية، ومنها الهلوسة، وأصبحت أتحدث مع نفسي، وأقول مريض الهلاوس يرى شخصا جالسا هنا، وهكذا تجاوزت هذا الوسواس.

الآن لدي وسواس الجنون، وورغم أنني أعرف أن هذا وسواس، ولكن الأفكار تسيطر علي، وتقول لي أن هذه الحياة غريبة أو ما شابه، لا أستطيع التعبير عما أشعر به، فقط أستطيع أن أقول أن الأفكار غريبة جدا .

أخيرا أعاني من تشتت ذهني فظيع، لدرجة أني أثناء التكلم أخاف جدا أن أنسى الكلام، وأن تضيع الكلمات مني، وهذا يسبب لي ارتباكا شديدا، ولم تعد لدي ثقة بنفسي، وأنني ضعيفة، وحتى عندما أتحدث بشكل لائق أنصدم من نفسي، فما تشخيص حالتي وماعلاجها؟ وهل يكفي العلاج السلوكي أم الدوائي؟

علما أني ولدت منذ 40 يوما.

وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Basma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


نسأل الله لك الصحة والعافية، ونهنئك بقدوم المولود، ونسأل الله تعالى أن يكون من الصالحين.

أيتها الفاضلة الكريمة: كل الأعراض التي تحدثت عنها وتسبب لك إزعاج تأتي تحت نطاق ما نسميه بـ (قلق المخاوف الوسواسي) من الدرجة البسيطة. فلديك قلق، ولديك مخاوف، ولديك وساوس، وكلها حقيقة مرتبطة بنوبة الهلع التي أصابتك، وبعد ذلك بدأت عندك أفكار التوجس والخوف والوسوسة من الأمراض كالتصلب اللويحي أو الأمراض العقلية.

هذه حالات شائعة جدًّا وأصحابها حقيقة لا يُصابون أبدا بما يخافون منه، هذه حقيقة، فأنا أؤكد لك أن هذه الحالات إن شاء الله تعالى بعيدة عنك تمامًا، فأرجوا أن تطمئني -أيتها الفاضلة الكريمة- وأنت طبعًا الآن في فترة هشاشة نفسية، فترة ما بعد الحمل يحدث فيها الكثير من الأعراض النفسية في بعض الأحيان. ولذا وبما أن أعراضك كانت من قبل الولادة سيكون من الأجدر والأفضل أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للقلق المخاوف السليمة جدًّا فيما يتعلق برضاعة الطفل.

هنالك دواء يسمى (باروكستين) هو من الأدوية الممتازة جدًّا والسليمة والتي لا تُفرز في حليب الأم، أنت تحتاجي أن تتناوليه بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام - يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة حبة واحدة – أي عشرين مليجرام - يوميًا لمدة أربع أشهر، ثم اجعليها عشرة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم عشرة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الجرعة التي وصفناها لك من الباروكستين هي جرعة صغيرة، لأن الجرعة الكلية هي ستين مليجرامًا، لكن لا نراك في حاجة للجرعات الكبيرة، ويجب أن تحرصي تمامًا على أن تتناولي الدواء بنفس الكمية وبنفس الكيفية وبنفس الجرعة، لأن ذلك إن سوف يضمن لك التشافي والتعافي بإذن الله تعالى.

هذا فيما يتعلق بالجانب الدوائي، أمَّا الجانب السلوكي والمعرفي فيقوم على مبدأ: أن تحقري كل هذه الأفكار التي تأتيك، أن تحقريها، أن تصرفي انتباهك عنها فيما هو طيب وجميل، وأن تشغلي نفسك مع طفلك، وأن تقرئي، أن تكوني متفائلة، تتجنبي السهر قدر المستطاع، وأن تمارسي رياضة المشي، مفيدة جدًّا.

وكذلك من المهم جدًّا أن تطبقي تمارين الاسترخاء، التمارين التي تساعد الإنسان في علاج القلق والتوتر والخوف.

ويا أختي الكريمة: احرصي على الأذكار، أذكار الصباح والمساء، وطبعًا الصلاة يجب أن تكون في وقتها، وكذلك تلاوة القرآن ... هذه الأمور كلها تعطي دفعًا نفسيًّا إيجابيًّا جدًّا.

هذه نصائحنا لك، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً