الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أمنيتي هي الموت لزوجتي الناشز، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجتي بكل أمانة عصبية، عنيدة كثيرة الجدال لأقصى حد، وتتعمد استفزازي، ولا تعترف بالخطأ أبدا طوال 13 عاما من الزواج، ولي منها طفلان، ويشهد الله أنني حاولت تغيير طبعها كثيرا بالود، والتقرب، وتحكيم الأهل كثيرا، ولكنها لا تتغير أبدا، حتى أصبحت كارها لها وأتمنى موتها؛ لأن الطلاق سيؤذي الأطفال كثيرا؛ لأنها بشهادة الأهل جميعا غير قادرة على فهمهم وتربيتهم.

منذ عام لا يفارقني الدعاء عليها بالموت، وأصبحت أمنية، حاولت أحيانا نسيانها، ولا أستطيع لأنها تجري على لساني في السجود، وصلاة الفجر، أو قيام الليل، فعلا أشعر بتوفيق كبير بالدعاء عليها، وأخشى أن يغضب الله سبحانه وتعالى، وإن الشيطان يدفع الأمنية هذه لأفكاري،

أفيدوني، وفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نشكر لك – أيها الحبيب – حرصك على مصلحة الأولاد، وخوفك من إيذائهم والتعرُّض لما يُقلقهم، وقد أصبت في هذا – أيها الحبيب – فإن تفرُّق الأسرة وتفرُّق الزوجين يُعرِّض الأبناء والبنات لكثير من مظاهر المآسي والحرمان والقلق، ولهذا ينبغي للزوج الصبر على زوجته مهما كان يمكنه ذلك، إذا كان في ذلك مصلحة لأولاده.

وقد أرشد الله تعالى الزوجين إلى الإصلاح فيما بينهما، وفضّل الإصلاح على الفراق، فقال سبحانه وتعالى: {والصلح خير}، ولا شك أن الزوجة مأمورة بطاعة الزوج فيما أوجب الشرع عليها طاعته فيه من المعاشرة بالمعروف وإجابته إلى الفراش وخدمته بما جرى به العرب من الخدمة، وهذا رأي كثير من العلماء في مسألة الخدمة، وحسن المعاشرة للزوج، وإذا قصّرت المرأة في ذلك أو امتنعت منه فهي آثمة، لأنها ضيّعت حقًّا ويجب عليها.

ولكن إن كانت ظالمةً فإنما يجوز الدعاء على الظالم بقدر ظُلمه، والله تعالى نهانا عن الاعتداء في الدعاء، قال: {ادعوا ربكم تضرُّعًا وخُفية إنه لا يُحب المعتدين}.

والدعاء على الظالم وإن كان مشروعًا إلَّا أنه ينبغي أن يكون بقدر الحاجة إذا لم يستطع الإنسان الصبر على هذا الظالم، فقد رخص الله تعالى في الدعاء على الظالم، كما في قوله سبحانه وتعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلَّا مَن ظُلم وكان الله سميعًا عليمًا}، قد فسّره ابن عباس – رضي الله تعالى عنه – بأنه لا يُحب الله أن يدعو أحدٌ على أحدٍ إلَّا أن يكون مظلومًا، فإنه قد أرخص له أن يدعوَ على مَن ظلمه.

ولكن لا يجوز أن يزيد على المظلمة، كما قال الشيخ السعدي في تفسيره، ومع ذلك فعفوه وعدم مقابلته أولى، كما قال تعالى: {فمن عفى وأصلح فأجره على الله}.

والدعاء بالموت – أيها الحبيب – أكبر من المظلمة التي تتحدث عنها أنت الصادرة من زوجتك، والدعاء بالموت قد نهى الله تعالى عنه الإنسان أن يدعوَ على نفسه، لأنه يقطع العمر، وقال: (لا يتمنَّينَّ أحدُكم الموت لضُرٍّ نزل به) وبيَّن السبب، فقال: (فإن عمر المؤمن لا يزيده إلَّا خيرًا)، فلعلّه يستعتب ويتوب ويُصلح ما أفسد من زمانه وعمره، ولعلَّه يستزيد خيرًا، وهذا لا يكون إلَّا بالعمر وبالحياة في هذه الدنيا، فالدعاء بالموت يُفوّت كل هذه المصالح على الإنسان.

فنحن نرى – أيها الحبيب – أن الدعاء بالموت على زوجتك اعتداء، ومجاوزة للحد، والواجب عليك أن تمنع نفسك من ذلك، وإذا كان ولابد أن تدعو عليها فادعُ عليها بقدر ظلمها، وإن كان الأفضل لك أن تترك الدعاء عليها، وأن تتوجّه بالدعاء لها، فإن الله تعالى قادر على إصلاحها، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها كيف يشاء.

نسأل الله تعالى أن يُوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً