الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضاقت بي السبل بسبب الهلع والاكتئاب المزمن.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي نفسية منذ 16سنة تقريباً وأنا أعاني من الاكتئاب بسبب ظروف حدثت معي في طفولتي، وكذلك تعرضت لصدمة وأنا طفلة جعلتني أصاب بالهلع الشديد من الموت، وتأتيني نوبات هلع مزعجة جداً، وبرودة في أطراف اليدين والقدمين، تصبحا كقطعة ثلج، وتعرق كثير، وكذلك ارتعاش، وصعوبة تنفس، وتسارع نبضات القلب، إضافة إلى ثقل في منطقة الصدر والرقبة من الخلف، وهذه النوبات تكاد تكون مستمرة خصوصاً إذا لم آخذ علاجا.

كذلك إذا سمعت كلمة موت أو سمعت خبرا ليس جيداً، أو حدثت معي مشكلة في البيت، أو إذا أحسست بالحزن، كذلك إذا أحسست بالفرح الشديد، إذا أتعبت نفسي في التفكير والعمل تأتيني هذه النوبات، يعني كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده بحالتي.

أنا أم لطفلة عمرها سنة وشهران، ورضاعتها طبيعية، راجعت أطباء نفسيين وأخذت علاجات، لكن العلاج وقتي؛ فما إن تنتهي مدة العلاج إلا وأعود لحالتي.

المهم وصف لي طبيبي الزولام 0.5 لنوبات الهلع، وكذلك علاجات ليبروكسايد وسيراتلين 50mg صباحاً، وفي الليل دكريتول وAfuna أو له اسم آخر امبترلين، هل هذا له تأثير على ابنتي؟ فمنذ يوم 5 بشهر 8 تناولت العلاجات إلى الآن، بالأخص علاج الزولام، وما الحل؟

أنا أشعر بالهلع الشديد من عدم شفائي، كذلك أريد أن أعيش حياتي مع ابنتي وزوجي بشكل طبيعي، فأنا أشعر بالتقصير الشديد تجاههما.

أنقذوني، أرجوكم؛ لعلكم سبيل نجاتي بفضل الله، فمنذ 2013 وأنا أراجع الأطباء النفسيين، لكن لا فائدة تذكر، كلما أكبر كلما تزداد حالتي شدة لدرجة أنه أصبح الموت كابوسا بسبب نوبات الهلع المتكررة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

نوبات الهلع والفزع هي جزء من قلق المخاوف الذي يُصيب الكثير من الناس، والخوف من الموت هو أحد المكونات الرئيسية لنوبات الهلع أو الفزع، وطبعًا هذا النوع من الخوف - أي الخوف من الموت - هو خوف مرضي، والإنسان يجب ألَّا يخاف من الموت خوفًا مرضيًا، إنما يخاف منه خوفًا شرعيًّا، بأن تكون القناعات مطلقة بحتمية الموت، وفي ذات الوقت الإنسان يعمل لدنياه ويعمل لآخرته، وقطعًا الحياة الإيجابية والقناعات الشرعية بحقيقة الموت تزيل هذا الخوف المرضي.

من المهم جدًّا أن تُطبقي أيضًا تمارين الاسترخاء؛ فتمارين الاسترخاء مفيدة جدًّا لنوبات الهرع، وهنالك عدة أنواع، أفضلها تمارين التنفس المتدرجة، وتمارين قبض العضلات وشدِّها، لو وجدت أخصائية نفسية لتُدرّبك على هذه التمارين فهذا أمرٌ جيد، وإن صعب هذا الأمر، فيمكنك من خلال أحد البرامج الموجودة على اليوتيوب -والتي تُوضح تمارين الاسترخاء- يمكنك أن تُطبقيها بدقة، وإن شاء الله تعالى الفائدة كبيرة جدًّا.

أيضًا أنت محتاجة لنوع من الاستغراق الذهني التأمُّلي، من خلال ذلك تُحقّرين تمامًا هذه الفكرة، هي فكرة سخيفة، فأنت تعانين منذ زمن طويل من هذه المخاوف وهذه التوترات ولم يحدث لك شيء - الحمد لله - مطلقًا، وأنت متزوجة، ولديك الحمد لله ذريّة، ومن المفترض أن تعيشي حياة طيبة وإيجابية.

فإذًا تحقير الفكرة في حدِّ ذاته مهمٌّ جدًّا، وإذا كانت هنالك أي روابط أو مثيرات للهلع وللفزع: يحاول الإنسان أن يبتعد عنها، وأنصحك أيضًا بتجنّب الكتمان، وأن تحرصي على التعبير عن ذاتك، الكتمان كثيرًا ما يُؤدي إلى احتقانات نفسية داخلية، تؤدي إلى أضرار نفسية كثيرة، فقد تؤدي إلى القلق وإلى التوتر والاكتئاب والوسوسة، لكن الشخص الذي يُعبّر عن ذاته أولّا بأوَّلٍ دائمًا تجده في حالة من الانبساط النفسي الإيجابي إن شاء الله تعالى.

بالنسبة للعلاجات الدوائية: الـ (زولام) دواء يُستعمل كدواء إسعافي، لإجهاض نوبات الفزع، لكن أنا لا أفضّله أبدًا؛ لأن حالتك حالة مزمنة، وفي ذات الوقت أنت مُرضع، فلا أعتقد أن الزولام سيكون دواءً جيدًا بالنسبة لك، والقابلية للتعود موجودة.

الدواء الأفضل بالنسبة لك هو الـ (سيرترالين) ولا شك في ذلك، ولا تحتاجين لأي دواء علاجي غيره، حتى الـ (إميتربتالين) لا أرى داع له، السيرترالين تحتاجين أن تجعليه مائة مليجرام، هذه هي الجرعة العلاجية اليومية، ويمكن تناولها كجرعة واحدة في الصباح، والجرعة الكلية يمكن أن تكون حتى أربع حبات، حتى مائتي مليجرام في اليوم، لكن لا أرى أنك في حاجة لهذه الجرعة أبدًا.

فإذًا ابدئي السيرترالين بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا - أي خمسين مليجرامًا - لمدة عشرة أيام أخرى، ثم ارفعيها إلى مائة مليجرام يوميًا، وهذه يجب أن تستمر عليها - على الأقل - لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك اجعليها خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين أيضًا، ثم التوقف عن الدواء بعد ذلك.

هذا التدرّج في بناء الجرعة وكذلك في تخفيضها يُعتبر مهمًّا جدًّا من الناحية العلمية.

هذا كل ما أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً