الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع ابني المراهق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الكريم: ابني الأوسط عمره 15 سنة يدرس في الصف الثالث الإعدادي الأزهري عنده مشاكل في الاستيعاب الدراسي، ومشاكل في اختيار الصحبة، دائما يميل للتعرف على أصدقاء عندهم ميول انحراف وسلوكيات غير منضبطة، ونحن دائما ننصحه، وعنده ميول تجارية أن يبيع ويشتري ويتأجر، فنصحنا أحد الأحباب أن نتخير له أحد المجالات التي يحبها ويكون مع شباب ملتزم، -بفضل الله- أصبح يعمل مع شباب ملتزم، ومحافظ على الصلاة في جماعة.

بعد فترة اكتشفنا أنه دائما معه فلوس ويصرف، وعندما نسأله يقول من عملي، فقررنا أن يتم إعطاء أي أموال معه لوالدته بخلاف مصروفه اليومي.

انتابني في مرة فضول أن أفتش في غرفته، فوجدت مبلغ مالي بالنسبة له كبير وضعه في الملابس
ووجدت ولاعه.

فقررت أن أنصح بدون مواجهة أنا ووالدته قمنا بالترغيب والترهيب، الجنة والنار والمال الحرام والسرقة، وتدمير الصحة بالتدخين ومعرفة أصدقاء السوء.

وبعد فترة قررت أن أفتش في متعلقاته الشخصية مرة أخرى فوجدت مبلغ آخر من المال، فواجهته به فأنكر في البداية.

وبعد أن عنفته حاولت وصل الأمر لضربه اعترف لي أنه يتأجر في الأسلحة البيضاء مثل المطواء.

قمت على الفور بسحب التليفون منه فوجدت كوارث، الدخول على مواقع إباحية، محادثات سب وقذف بألفاظ بذئية بينه وبين أصداقائه، وتبادل صور إباحية في الشات، وأرقام بنات، ومحادثات مع بنات على الشات، وعرفت أنه يدخن الشيشة.

جلس مع أخوه الأكبر وقال له أقسم بالله لم أسرق، ولكن أنا كنت أتأجر في هذه الأسلحة فقط.

أحسست أن ابني سيضيع مني، مع العلم أننا أسرة ملتزمة، ماذا نفعل حتى لا ينجرف ابني مع تيار الإسفاف والانحلال الأخلاقي الذي ساد في مجتمعاتنا.

نأسف على الإطالة، جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونسأل الله أن يُصلح لنا ولكم النية والذريّة، وشكر الله لكم هذا الحرص، نسأل الله أن يُلهمنا جميعًا السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

أنتَ تُشكر والأسرة على الحرص على صلاح الأبناء، نسأل الله أن يُعيننا على اتخاذ الوسائل الصحيحة حتى يتحقق هذا الإصلاح، والموفِّقُ هو الله تبارك وتعالى، فأكثروا من اللجوء إليه أنت والوالدة، فدعاؤكم أقربُ للإجابة.

كما أرجو أن تتعرفوا على خصائص هذه المرحلة العمرية، وأرجو أن يتواصل معه أحد الأطراف، ولا بأس أن يكون شقيقه الأكبر هو مَن يتواصل معه لوضع النقاط على الحروف، والأشياء التي وقفتم عليها بلا شك هي أمورٌ خطيرة جدًّا، لكن الأخطر منها هو أن يشعر أنه فقد ثقتكم، أو يشعر أنه يبتعد منكم، ولذلك أرجو أن يكون هناك احتواء وقُرب وتوجيه وحوار، وجلوس معه، ووضع النقاط على الحروف.

ونتمنَّى أيضًا أن تتأكدوا من أنه ترك الرفقة السيئة إلى رفقة صالحة، فالإنسان لابد أن يهجر بيئة المعصية ورفقة المعصية، وساعده في التخلص من وسائل المعصية، خاصة المواقع والصور التي يحتفظ بها، وكلّ هذه الأمور.

وأرجو ألَّا يُتاح فرصة التواصل في جوّالٍ فيه كل الخدمات، ولا بأس من جوّالٍ عادي خالٍ من الخدمات والتطبيقات، أو جوّالٍ يستخدمه في الأوقات المحددة برقم سِرّي معروف لديكم، وهذه الأمور كلها ينبغي أن تكون عبر اتفاقية مع المُتربّي، فإن من قواعد التربية الناجحة وضع اتفاقية ومعاهدة بين المُربّي والمُتربّي.

كما أرجو أيضًا أن تُعطوه شيء من الثقة، وتمدحوا فيه الأشياء الجميلة، وتُساعدوه على أن يُحسّن صورته عن نفسه، وسعدنا جدًّا أن الأسرة ملتزمة، فلا مانع من استخدام المنهج القرآني: {يا أخت هارون ما كان أبوك امرئ سَوْءٍ وما كانت أُمُّك بغيًّا}، فتقولوا له: "أنت من أسرة فاضلة، ومثلُك لا يفعل مثل هذه الأمور"، حتى يرتفع لهذا المستوى الذي أنتم عليه، ونسأل الله أن يُعيننا وإياكم على الخير.

ومن المهم جدًّا أيضًا إدراك خصائص هذه المرحلة التي لا ينفع فيها التعليمات والتوجيهات المباشرة، وإنما ينفع فيها الحوار والإقناع والقُرب والتواصل الفعال، وينفع فيها النُّصح والموعظة، وأيضًا تحميل المسؤوليات، وأيضًا الحرص على توجيهه إلى ما يُصلحه في الدنيا والآخرة، ونسأل الله أن يقرَّ أعينكم بصلاحه، ونسعد بالمتابعة معنا في الموقع، حتى نعرف نتائج ما توصّلتم إليه.

ومن المهم جدًّا أن يكون هذا الذي حصل أيضًا محصورًا بين أشخاص معيّنين، فإن إشاعة ما يحصل أمورًا تُعين الشيطان عليه، ولا تُعينه على بلوغ العافية والرجوع. ذكّروا بأهمية المراقبة لله -تبارك وتعالى-، والمحاسبة للنفس، والمحاسبة تُوصلُ إلى التوبة النصوح، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

نسأل الله أن يقرّ أعيننا بصلاح الأبناء والبنات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً