الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي طلق أمي ظلما وحرمها من كل شيء، فكيف نتعامل معه؟

السؤال

أبي طلق أمي بعد عشرة دامت ٤١ عاما، وظلمها وأخذ ذهبها حتى ملابسها ولم يعط لها أي شيء، ونحن ٥ أبناء وقفنا بجانب أمي بعد طلاقها، فاشترينا لها ملابس وأعطينا لها نقودا، وتعيش عند أخي المتزوج.

سؤالي الآن: أبي قاطعنا ويدعو علينا ويسبنا نحن البنات في شرفنا، ويتصل بكل الناس ويخبرهم كلام كذب عن شرفنا، والله شاهد أننا براء من كل هذه الاتهامات، هو يفعل ذلك لأننا وقفنا بجانب أمي ولم نتركها كما كان يريد أن يذلها!

سؤالي: ما حكم الدين في هذا الأب؟

مع العلم أننا والله شاهد لم نسئ إليه ولو بكلمة واحدة، بالرغم سبابه لنا، وهو يدعو علينا، هل الله سيستجيب له؟ وهل ما يفعله معنا يرضى الله؟ هل نرمي أمنا كما يريد لكي نرضيه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك في موقعك (إسلام ويب) وإنه ليسرنا تواصلك وأمثالك مع الموقع، ونسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك وأن يوفقك لما فيه الخير والسداد.

أختنا الفاضلة: دعينا ابتداء أن نؤصل قاعدة شرعية تربوية عامة للجميع مفادها: أن بر الأبناء للآباء واجب لا يصرفه صارف، بمعنى لو أخطأ أحد الوالدين أو أساء أو حتى ظلم بتعبيرك بل لو أراد الكفر لك، فيجب عليك عدم الطاعة في المعصية مع تمام البر والإحسان إليهما.

هذه القاعدة أختنا تجعلنا نؤكد على حق الوالدين على الأولاد الذي لا ينبغي أن يغيب عنهم لأنهم سيحاسبون يوم القيامة على أي تقصير فيه.

بعد ذلك نعود إلى سؤالك فنقول:
أولا: ما فعله الوالد مع الوالدة -على حسب ما تفضلت من أخذه لمالها وملابسها- أمر لا يقره الشرع ولا يرتضيه، وهو فيه ظالم وآثم، فالله أمر الزوج بالإحسان إلى زوجته، حتى وإن طلق أمره ألا ينسى الفضل الذي كان (ولا تنسوا الفضل بينكم).

ثانيا: وقوفكم مع الوالدة استشعارا لظلمها واجب شرعي عليكم، وهذا حقها الواجب عليكم، فهي من ناحية أمكم، ومن الناحية الأخرى هي المعتدى عليها -حسب كلامك- وعليه فما فعلتموه حق مشروع لكم وواجب عليكم.

ثالثا: ما ذكره الوالد عنكم من افتراء أمر محرم شرعا، ولا يجوز عليه قول ذلك، لكن اطمئني فإن الله نصير كل مظلوم، وسيجعل الله لكم من هذا الضيق فرجا قريبا.

رابعا: دعاء الوالد عليكم لا يقلقكم، لأنه ليس مظلوما لينتصر، بل الواضح من رسالتك أنك ما أسأت إليه ولا ظلمت ولا اعتديت، بل وقفت فقط مع والدتك المظلومة، فثقي أن الله -عز وجل- سيكون عونا لك، ولنا نصائح لك ولإخوانك نرجو أن توليها اهتمامك:

1- الوالد مهما فعل أب، وفيها الفطرة التي أودعها الله من حبه لكم، ولذا نرجو التواصل معه ولو عبر وسيط آمن كعمك أو شيخ الجامع ليهدأ الوضع ويرطب الحال.

2- تفقد أحوال الأب في هذه الفترة مهم، فهو على ما يظهر قد كبر سنه، وهذا يحتاج إلى عناية ورعاية منك على قدر المستطاع.

3- برك بوالدتك لا يجب أن يتوقف، بل بالعكس كونوا لها سندا ومعينا، ولكن لا تجوروا على حق والدكم وإن ظلم.

وأخيرا: أكثروا من الدعاء لها وله، وعسى الله أن يهديهما وأن يصلح حالها، وأن يرزقكم برهما، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً