الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتخيل أن كل شيء سأفسده بعيني وأن عيني حارة.. ما العمل؟

السؤال

السلام عليكم.

في الفترة الأخيرة منذ أربعة أشهر عانيت من وسواس العين، وأتخيل أن كل شيء سأفسده بعيني، وأني ذات عين حارة، حتى من شدة خوفي أصبحت أخاف على كل شيء في حياتي، حتى أني من شدة التفكير بذلك أصبت صديقتي بالعين، مع العلم أني قبل كنت طبيعية، ولكن حدث أكثر من حدث صدفة، وبعدها أصبحت قلقة، وفي كل حين أقول "تبارك الله"، وأشعر أني إن لم أقولها سوف يحدث شيء، حتى أني لم أعد أعش حياة طبيعية، وأي شيء يفسد أمامي أتخيل أنها عيني، وأشك أني أصبت سيارة زوجي بعيني، حتى أني أصبحت متشائمة وطريقة تفكيري تغيرت، ولم أعد أعرف مشاعر الفرح أو الحب.

مع العلم أني أصبحت أقرب لله، أقرأ أذكاري، وأحافظ على صلواتي، أتقرب بالأعمال أكثر من قبل.

كيف تزول هذه الوساوس؟ أتمنى أعود كالسابق إنسانة طبيعية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب.

العين -أيتها البنت الكريمة- لا تفعل شيئًا بنفسها، فإن كل ما يحدث في هذا الكون لا يحدث إلَّا وقد قدّره الله سبحانه وتعالى، والعين لا تسبق هذا القدر، ولا تغلبه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (لو كان شيءٌ سابق القدر لسبقته العين)، فالعين حق، ولكنّها لا تفعل إلَّا بقدر الله، فأريحي نفسك إذًا من هذا الهم والقلق، واعلمي بأنك لا تستطيعين أبدًا أن تفعلي شيئًا بغير تقدير الله تعالى، وما هذا الوسواس الذي تجدينه إلَّا محاولة من الشيطان لإدخال الحزن إلى قلبك، وجعلك تعيشين أحوال القلق والهم، فيصرفك بذلك عن انشراح الصدر بالطاعة والعبادة، وهذا غاية ما يتمناه الشيطان، كما أخبر الله في كتابه الكريم عنه فقال: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا}، فهو حريص على أن يكون الإنسان المؤمن حزينًا قلقًا مضطربًا، والله تعالى يُريد لنا الخير، ويريد أن نعيش في انشراح صدر واطمئنان قلب، ولهذا دعانا إلى ذكره وقال: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، ودعانا إلى طاعته، وأخبرنا أن في ذلك انشراحا للصدر فقال: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه}.

والله تعالى يريد لنا أن نعيش حياةً سعيدة، فقال سبحانه وتعالى: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.

والإنسان بين هذين الداعيين، بين داعي الله تعالى وندائه الذي يدعوه إلى الاشتغال بذكر الله وطاعته، مع انشراح الصدر وطمأنينة القلب وهدوء البال، وبين داعي الشيطان الذي يريد منه الانقطاع عن هذه الطاعات والعيش في الاضطراب والقلق وأنواع العناء النفسي.

فإذا عرفت هذا فاعلمي أن هذا الذي تعيشينه الآن هو محاولة من الشيطان ليوقعك فيما يريد، فنصيحتُنا لك أن تلجئي إلى الله تعالى، وأن تفزعي إليه، وأن تفرّي إليه، وأن تستعيذي بالله تعالى من الشيطان، وأفضل ما تفعلينه لتتخلصي من هذه الحالة هو صرف الذهن تمامًا عن هذه الأفكار، بأن لا تُصدّقيها، ولا تقبليها، ولا تُرتبي أحكامًا عليها، فإذا وجدك الشيطان مُصمِّمةً على ذلك عازمةً عليه فإنه سييأس منك، وكلَّما داهتمك هذه الأفكار استعيذي بالله، فإن الشيطان يخنس إذا ذُكر الله.

وقد أحسنت حينا لجأت إلى التبريك وقول (تبارك الله) كلما رأيت شيئًا تستحسنينه، فإذا فعلت ذلك فإن هذا من شأنه أن يضع الله تعالى به البركة على الشيء الذي ترينه، ولن تضرَّه بعد ذلك عين بإذن الله ولو كانت هذه العين حقيقة موجودة.

فإذًا أنت مطالبة - أيتها الأخت الكريمة والبنت العزيزة - بأن تعملي هذه النصائح، وهي خيرُ ما يُخلِّصُك ممَّا أنت فيه، وستعودين إلى حال أفضل ممَّا كنت عليه في السابق بإذن الله تعالى.

نسأل الله تعالى لك العافية، وأن يأخذ بيدك إلى ما فيه صلاح ديناك ودينك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً