الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتقرب إلى الله وأتوب إليه؟

السؤال

السلام عليكم

أنا طالبة بعمر 15سنة، الله هداني وأصبحت أقرأ القرآن وأصلي الصلاة في أوقاتها، وأذكر الله كثيراً، لكن بمرور الأيام أصبح إيماني ضعيفاً، حيث أصبحت لا أذكر الله كثيراً، وأصبحت أشعر بالحقد والغيرة من صديقاتي، وأصبحت أكذب كثيراً، وأشعر أني منافقة، أصبحت لا أصلي الصلاة في أوقاتها.

كما أني أصبحت أشعر بانجذاب للرجال، حيث إني عندما أرى شاباً أشعر بأني أنجذب له، أصبحت لا أتأثر بشيء، وأصبحت لا أبكي حتى دمعة واحدة، أشعر أني أصبحت ضائعة، أريد حلاً، أريد الرجوع إلى الله حقاً، صرت ضائعة وحزينة، أقول: إني سأغير نفسي، لكن لا أعرف كيف!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة الزهراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.. نشكر لك تواصلك معنا وحرصك على فعل الخيرات والتقرب إلى الله رب البريات، وهذا دليل حسن في إسلامك ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحاً وأن يوفقك ويأخذ بيدك.

أولاً: نقول أيتها البنت العزيزة إن الفتور بعد النشاط وتغير الحال أمر طبيعي، لا ينبغي أن يكون مقلقاً لك، كل القلق ومدخل الحزن على قلبك، أقصد مجرد الفتور عن العبادات النافلة التي كنت تتقربين بها إلى الله تعالى.

إن القلب يعيش إقبالاً وإدباراً، والإنسان إنما سمي إنسانا لأنه ينسى، وهل سمي الإنسان إلا لنسيه والقلب لأنه يتقلب، ولكن ينبغي أن يكون محل نظرك واهتمامك الذي لا تسمحين لنفسك في تجاوزه هو أن تمنعين نفسك من الوقوع في معصية الله تعالى أثناء الفتور، سواء كانت هذه المعصية بترك شيء مما أوجبه الله تعالى عليك أو بفعل شيء مما حرمه عليك، فهذا يجب عليك أن تجاهدي نفسك لتصوني نفسك عنه.

بعد ذلك المستحبات ينبغي أن تأخذي بالأسباب التي تعينك على الإكثار منها، ولكن الأمر فيها واسع، والله تعالى لا يؤاخذك إذا قصرت فيها أو تكاسلت عن بعضها في بعض أحيانك أو في كل أوقاتك، فابدئي أولاً بمراقبة نفسك في باب الواجبات والمحرمات، فقد قال الله في الحديث القدسي "ما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضت عليه"، ثم قال "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه".

إذا وقعت في شيء محرم فاعلمي أن باب التوبة مفتوح، وأن الله تعالى يقبل توبة الإنسان ويمحو هذا الذنب ويبدله بحسنات، وهذا من كريم لطف الله تعالى وبره بعبده، فبادري وسارعي إلى التوبة إذا وقعت في شيء من المحرمات، والتوبة يشترط لها الندم على ما فات والعزم على عدم الرجوع في المستقبل مع ترك الذنب في الوقت الحاضر.

إذا فعلت هذا تاب الله عليك، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، والذي يعينك على هذه التوبة أن تتذكري الثواب والعقاب وأن تكثري من سماع المواعظ التي تذكرك بالجنة والنار، هذا أولاً، وثانياً أن تكثري من التعرف على الفتيات الصالحات والنساء الطيبات، فإن الصاحب ساحب، والإنسان ضعيف بنفسه قوي بإخوانه.

أما ما ذكرت من أنك تشعرين بالانجذاب إلى الرجال فهذه فطرة وغريزة فطر الله عليها الجنسين الرجال والنساء، ولكن حذرنا الله سبحانه وتعالى وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الانجرار وراء هذه الفتنة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، والله أخبرنا في كتابه أن الرجال والنساء كل فتنة للآخر، فقال في سورة الفرقان (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة)، فعليك أن تلتزمي بالضوابط الشرعية في العلاقة مع الرجال، غض بصرك عن الرجال الأجانب ما دمت تجدين في نفسك ما قد يدعوك إلى الوقوع في المعصية والمخالفة، فجاهدي نفسك على غض بصرك، وتجنبي السماع للمثيرات من الكلمات، أو المشاهدة للصور والمناظر التي تثير، واحذري من الخلوة برجل أجنبي عنك، والتزامي الحشمة والحجاب الشرعي الذي أمرك الله تعالى به، فإذا فعلت كل هذا فإن الله تعالى سيصونك ويحفظك من خدع الشيطان ومكره.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً