الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اضطرابات نفسية، ما العلاج المناسب لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ 11 سنة تعرضت لصدمة نفسية لم يتم معالجتها، عرقلتني في إتمام حياتي التعليمية والمهنية، لكنني كنت أحاربها برحمة من الله، كنت أتعرض للتنمر من أمي وإخوتي بسبب الأعراض المصاحبة لهذا التعب النفسي، كعدم القدرة على التركيز، وزيادة الحساسية من الأصوات والأضواء، كانوا ينعتونني بكلمات قاسية كالمجنونة وغيرها، لكنني كنت أثق في نفسي، وأثق بالله أنها مرحلة وستمر.

تخرجت من الجامعة إدارة الأعمال -بفضل الله- وتزوجت وكانت علاقتي الزوجية سامة جدا، لأنه كان إنسانا نرجسيا ومتسلطا، وفي هذه الفترة عادت لي نوبات الهلع والخوف والقلق، والأفكار المزعجة في دماغي، اخترت الطلاق، والآن أدرس في كلية الطب، وأريد المساعدة لكي أتجاوز هذه الاضطرابات.

جزاكم الله خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Zohra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله تعالى لك العافية، وأن يبلغنا وإياك شهر رمضان المبارك، ويجعلنا -إن شاء الله- من الصائمين القائمين.

أنا اطلعتُ على رسالتك، وحقيقة من الواضح جدًّا أنك تعيشين قوة الآن، وهنالك تأثرًّا طبعًا بالماضي، لكن يجب أن ندرك جميعًا أن قوة الحاضر (قوة الآن) إذا تمسّك بها الإنسان وسعى لتطويرها دائمًا هي الأفضل، الماضي قد انتهى وأصبح في خبر كان، وهو تجارب يستفيد منها الإنسان، وهو ماضي الحاضر، وفيه ثغرات، وفيه ضعف كثير، يجب ألَّا يصدّنا عن أن ننجز في حاضرنا.

فأنا أريدك أن تتمسّكي بقوة الآن، وتنظري للمستقبل بأملٍ ورجاء، هذا هو المطلوب، -وما شاء الله تبارك الله ولا قوة إلَّّا بالله- تحصّلتِ على الدرجة في إدارة الأعمال، وتدرسين في كلية الطب، هذه قمة المثابرة، وأنا مطمئنُّ تمامًا لأن مستوى الدافعية لديك ممتازة -الحمد لله-.

طبعًا أمر الزواج والطلاق نستطيع أن نقول أنها كانت تجربة، والطلاق هو من الأشياء الملازمة للناس في حياتهم أيضًا، وأحد الحلول الأخيرة، وهو أبغض الحلال عند الله، لكن أيضًا هو حقيقة فيه انفكاك كبير من صعوبات الحياة الزوجية، فهذه قد انقضت وقد انتهت، وأسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، والآن أريدك -كما ذكرتُ لك- أن تركّزي على دراستك، أريدك أن تكوني إنسانة واسعة الذكاء الوجداني -أي الذكاء العاطفي- ومن خلال هذا الذكاء يتفهم الإنسان نفسه، ويتعامل مع نفسه بصورة إيجابية، ويحاول دائمًا أن يطوّرها، وأيضًا ينظر للآخرين بصورة إيجابية ويتعامل معهم على هذا الأساس. يمكنك أن تقرئي كتاب الدكتور دانييل جولمان عن الذكاء العاطفي، كتاب رائع جدًّا، كتبه عام 1995، وهو رائد هذا العلم.

أيتها -الفاضلة الكريمة-: الآن أريدك أن تُحسني إدارة وقتك، هذا مهم جدًّا، إحسان إدارة الوقت من الأشياء التي تطور الصحة النفسية عند الإنسان بصورة إيجابية جدًّا، وعليك بتجنُّب السهر، وعليك بالنوم الليلي المبكّر، وبعد صلاة الفجر يمكن أن تدرسي مثلاً لمدة ساعة، هذا وقت الاستيعاب، ووقت التركيز، ووقت توزيع الأرزاق، وفيه خيرٌ كثيرٌ جدًّا، فمن يستفيد من البكور ومن الصباح يستطيع أن يُدير بقية يومه بصورة سلسة جدًّا.

بالنسبة لنوبات الهلع هذه والخوف والقلق: تجاهلها هو العلاج الرئيسي، مع طريقة التفكير الإيجابي المبني على ما ذكرتُه لك، وأريدك أن تدخلي في تمارين استرخاء مكثفة، تمارين الشهيق والزفير وحبس الهواء في الصدر، وتمارين قبض العضلات ثم إطلاقها، مع التأمُّل الإيجابي والاستغراق الذهني. هذه مهمّة جدًّا، توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب فأرجو الاستفادة منها لتطبيق هذه التمارين.

أيضًا الرياضة - خاصة رياضة المشي - أراها ممتازة، وأريدك أيضًا أن تكوني شخصًا فعّالاً في داخل أسرتك، تكون لك مساهمات إيجابية، احرصي دائمًا على بر والديك، فهذا إن شاء الله تعالى يجلب لك خيري الدنيا والآخرة.

أتمنَّى أن نراك طبيبة متفوقة ومتميزة، وأسأل الله تعالى أن يحفظك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر سمير

    بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً