الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتقلب بين التوبة والعودة للذنب، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله بكرمه أن يوفق القائمين على الموقع لما يحب ويرضاه.

أنا -يا أخوتي الكرام- قد منَّ ربي علي بنعمة الصوت الحسن في القرآن الكريم، وقد اصطفاني -والحمد له- أن أكون إمامًا للناس، ولكن ابتليت بذنب مرافق لأغلب الشباب وهو العادة السرية، وكل مرة أتوب وأعود، وإني أستحي من الله في كل مرة.

هناك أيضا فتاة أحبها وقد كلمتُ أهلها أني سأتقدم لخطبتها قريبا، واتفقت معهم على قطع التواصل بيني وبينها حتى الخطبة، خوفا من الله، ولكن في بعض الوقت أضعف ونتحدث، وتكون هي البادئة، ولا أستطيع ردها خوفا من المشاحنات والمشاكل، وقد تؤدي لمرضها وقد حدث من قبل.

أشعر أني منافق وأن كل أعمالي الحسنة غير مقبولة، مع أني أخشع كثيرا في صلاتي، وأبكي حين أسمع القرآن، ولكن لا أدري ما الحل لكل هذه الذنوب، يعلم الله حبي له ولدينه الحق ولرسوله وسنته الحسنة وعلم الإسلام، ولكن لا أعلم ما هو الحل؟ وهل أنا من المنافقين واهل الكبائر؟

وشكرا لكم على سعة الصدر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسترك في الدارين، ونحن في موقع (إسلام ويب) سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: لا شك أن الذنوب والمعاصي لها آثار سلبية على القلب بل وعلى النفس والحياة، وهي أحد الأسباب الهامة لقلة البركة والبعد عن الله تعالى، وهي أعظم حين تكون ممن منّ الله عليه بإمامة المسلمين، وحباه الله بالصوت الحسن الجميل، وجعله الله من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، ولسعة رحمة الله تعالى بنا فقد شرع لنا التوبة الفورية عقب الذنب، وهذا ما ينبغي أن يكون حاضرا عندك متى ما زلت القدم عن غير قصد بعد أخذ الأسباب التي سنتحدث معك فيها بعد قليل، نقول -يا أحمد- المسارعة في التوبة استشعارا لغضب الله وحبا فيه مع العزم على عدم العودة أول ما ينغي عليك الحرص عليه، واحذر من اليأس من التوبة بعد معاودة الذنب فما وقعت فيه لا يعد نفاقا، ولا استهتارا بشرعه، ولكن سول لك الشيطان أمرا ضعفت فيه نفسك، فاحذر أن يمدك الشيطان باليأس أو يثبط عزيمتك على الترك.

يقول علي -رضي الله عنه-: خياركم كل مفتن تواب.
قيل: فإن عاد.
قال: يستغفر الله ويتوب.
قيل: فإن عاد؟
قال: يستغفر الله ويتوب.
قيل: فإن عاد؟
قال: يستغفر الله ويتوب.
قيل: حتى متى؟
قال علي: حتى يكون الشيطان هو المحسور.

وقيل للحسن البصري: ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود؟
فقال: ود الشيطان لو ظفر منكم بهذا -اليأس من التوبة والكف عنها- فلا تملوا من الاستغفار.
وروي عنه أنه قال: ما أرى هذا إلا من أخلاق المؤمنين، يعني أن المؤمن كلما أذنب تاب.

فاحذر خطوات الشيطان تلك .

ثانيا: من خطوات الشيطان كذلك أن ينمى فيك عجزك عن محاربة شهوتك، وضعك أمامها، ويهون عليك شأنها حتى تستمرأ تلك المعصية، فاعلم أن التغيير قائم، وأنت بعد توفيق الله يمكنك تحقيقه، المهم: الهمة والعزيمة، وتذكر أنت في مرحلة الشباب والنبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله: شاب نشأ في عبادة الله، فالله الله في نفسك، لا يفوتك هذا الخير، واحذر أن يزرع الشيطان فيك اليأس، وكيف اليأس من رحمته وأن تقرأ في صلاتك بالناس: ( ‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) أي: يا عبادي الذين أكثروا على أنفسهم من الخطايا والذنوب لا تيأسوا من رحمة الله، ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) أي: إنه يغفر الذنوب جميعاً عظمت أم صغرت، كثرت أم قلت، بل زاد فضل الله وكرمه حين يبدل السيئات والموبقات إلى حسنات كريمات فاضلات، قال الله جل وعلا: (( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)

ثالثا: الشهوة لا تموت بالعادة السرية، ولا بالممارسة، بل تزيدها تلك السلوكيات اشتعالا، والأمر الأكثر سوءا أن من تعود عليها قد لا يستمتع بزوجته كما ينبغي، وإننا ندعوك أن تدخل على موقعنا لتقرأ عن أضرارها وإدمانها، وكيف أن البعض ممن أدمنها وجد صعوبة بالغة بعد الزواج ولم يستطع أن يتكيف مع زوجه، بل أدى الأمر بالبعض إلي الطلاق والعياذ بالله.

رابعا: حتى تستطيع التغلب عليها ننصحك بما يلي:

1- الإقناع الذاتي بأنك تقدر، فما لم يتم الاقتناع الداخلي فإن العلاج سيكون ناقصا غير كامل.
2- الخلوة مع الله في صلاة الليل، وكثرة التذلل لله عز وجل، سماء لكل طالب حق، فالزم تلك الخلوة وأكثر من الدعاء وستجد الخير من وراء ذلك.
3-اجتهد في الإكثار من الصيام فقد قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
4- ابتعد عن الفراغ عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم أو المذاكرة أو ممارسة نوع من أنواع الرياضة المهم أن لا تسلم نفسك للفراغ مطلقا وأن تتجنب البقاء وحدك فترات طويلة.
5- ابتعد عن كل المثيرات التي تثيرك ومنها التواصل مع من تود الزواج منها، ولا تقع تحت تأثير غضبها أو زعلها أو مرضها، بل عليك أن تتخذ موقفا حاسما مع وعدك لها بالزواج منها ولكن من غير معصية.
6- المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، اجتهد في الإكثار من الصالحين من الأخوة، وقضاء أوقات التعلم والطاعة والعبادة والعمل المجتمعي.
7- إن استطعت أن تعجل بالعقد فخير وبركة، وإلا فالتزم بما قلنا.
8- كثرة الدعاء أن يصرف الله عنك الشر، وأن يقوي إيمانك وأن يحفظك ويحفظ أهلك من كل مكروه اجعله دوما على لسانك.

وإنا نسأل الله أن يوفقك وأن يقدر لك الخير والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً